عقد المقاولة : تعريفه ، أركانه ، أثاره

القائمة الرئيسية

الصفحات

عقد المقاولة : تعريفه ، أركانه ، أثاره

عقد المقاولة : تعريفه ، أركانه ، أثاره 


عقد المقاولة من العقود الواردة على العمل والذي نظمه المشرع الجزائري في القانون المدني : الفصل الأول الباب التاسع من الكتاب الثاني : الإلتزامات والعقود  . 

من خلال هذه المحاضرة سنتطرق إلى مفهوم عقد المقاولة ( أولا ) ثم بيان أركانها ( ثانيا ) وبعدها نتعرف على الأثار المنتجة من هذا العقد ( ثالثا ) . 



ماهية عقد المقاولة

                                              

أولا : مفهوم عقد المقاولة 


عرف المشرع الجزائري عقد المقاولة في المادة 549 من القانون المدني الجزائري على أنه " عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئا أو أن يؤدي عملا مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الأخر " 
وعليه فإن عقد المقاولة هو تأدية ( القيام ) عمل من المقاول لصالح رب العمل . 
فأطراف عقد المقاولة هم طرفان : المقاول ورب العمل . 

خصائص عقد العمل 

تستخرج خصائص عقد المقاولة من مفهوم المادة السابقة ، وتتمثل في : 

عقد المقاولة من العقود الرضائية : إذ هو يتطلب رضا وإرادة الطرفين على إبرام عقد المقاولة . 
عقد المقاولة عقد ملزم للجانبين : فتقع الإلتزامات على كلا من المقاول ورب العمل .  
عقد المقاولة يشمل عنصرين : العمل المطلوب أدائه أو صنعه من طرف المقول ، والأجر الذي يتعهد رب العمل بدفعه . 

ثانيا : أركان عقد المقاولة 


ككل العقود فإن أركان عقد المقاولة تتمثل في : الرضا ، المحل ، السبب . 

1 ) الرضا 

الرضا هو تطابق الإيجاب والقبول بين أطراف عقد المقاولة حول طبيعة العقد وإلتزامات كل واحد منهم  ( المقاول ورب العمل ) ، ويجب أن تكون إرادة الطرفين خالية من العيوب المتمثلة في الإكراه ، الإستغلال ، التدليس ، الغبن . 

 الأهلية 

حسب المادة 40 من نفس القانون " تكون الأهلية كاملة ببلوغ سن 19 سنة " فمن الضروري أن تكون أهلية الأطراف كاملة وقت التعاقد ، خالية من العيوب ، وأن لا يكون أحدهما أو كلاهما من المحجور عليه . لأن هذا التصرف دائر بين النفع والضرر . 

2 ) المحل 

من شروط المحل : 

- أن يكون المحل ممكنا لأن لا إلتزام للمستحيل . 
- أن يكون المحل معينا أو قابل للتعيين نافيا للجهالة . 
- أن يكون مشروعا غير مخالف لنظام العام والأداب العامة . 
فعقد العمل عقد مزدوج يتمثل في : أداء عمل أو صنع شيء من طرف المقاول بالإضافة إلى دفع الأجر من طرف رب العمل للمقاول مقابل العمل الذي يؤديه . 

تعريف الأجر 

هو : ذلك المبلغ الذي يلتزم به رب العمل بإعطائه للمقاول قيام هذا الأخير بالعمل المعهود له . فالأجر ركن في عقد المقاولة إلا أنه لا يشترط ذكره في العقد دون أن يحدد مقداره المتعاقدين . 

 الشروط الواجب توافرها في الأجر 

هناك شروط عديدة وتتمثل فيما يلي 

- أن يكون الأجر موجودا وإلا كان عقد من عقود التبرع . 
- أن يتم تعيين قيمته تعيينا نافيا للجهالة . سواء على أساس الوحدة أو على أساس أجر إجمالي على التصميم المتفق عليه ، وإذا لم يتناول المتعاقدين مسألة الأجر فإن القانون يتكفل بتحديده . 

3 ) السبب 

السبب ركن من أركان عقد المقاولة ، ولا شيء يقال فيه سوى أنه يجب أن يكون الهدف والباعث إلى إبرام عقد المقاولة مشروعا غير مخالف لنظام العام والأداب العامة . 

ثالثا : أثار عقد المقاولة 


تقع على عاتق المقاول ورب العمل إلتزامات عديدة ، فالمقاول ملزم بإنجاز العمل المسند له وهو إلتزام متصل بمرحلة العمل ، كما يلتزم بتسليم العمل بعد إنجازه وضمانه بعد التسلم وهو إلتزامات لاحقة بمرحلة إنجاز العمل ، أما رب العمل فهو ملزم بتمكين المقاول من إنجاز العمل ، وتسلمه في وقته ، كما يكون ملزم بدفع الأجر . 

1) إلتزامات المقاول 

تقع على عاتق المقاول الإلتزامات التالية 

أ ) إلتزام المقاول بإنجاز العمل 

يلتزم المقاول بإنجاز العمل المسند إليه وفق الشروط المتفق عليه بينه وبين رب العمل ، وهذه الأحكام شاملة لكل أنواع المقاولات ، في حين تخضع مقاولة البناء لدفتر الشروط ، وإذا لم يكن هناك دفتر الشروط وجب الإلتزام وفق ما يحدده عرف المهنة خاصة ما يخص أصول البناء وفن العمران . 

- يلتزم المقاول وعلى نفقته بإحضار كل الأدوات والألات التي يراها ضرورية في إنجاز العمل ، وملابس العمل وأدوات الحماية ، دون إشتراط ذكرها في العقد ، ما لم يتم الإتفاق على خلاف ذلك ، طبقا لنص المادة 552 فقرة 2 من نفس القانون " وعلى المقاول أن يأتي بما يحتاج إليه في إنجاز العمل من آلات وأدوات إضافية ويكون ذلك على نفقته ، هذا ما لم يقضي الإتفاق أو عرف الحرفة بغير ذلك " . 
 
- يلتزم المقاول في حالة إستعانته بالعمال أن يتولى مهمة الإشراف والتوجيه كي يلتزموا بأداء العمل المطلوب منهم ، شرط أن لا تكون شخصية هذا المقاول محل إعتبار لأنه يكون العمل مبني على مهارته . 

- يلتزم المقاول بدفع أجرة العمال ما لم يقضي الإتفاق أو العرف خلاف ذلك . 

- يلتزم المقاول إما بتحقيق نتيجة معينة كإصلاح شيء أو بناء شيء أو وضع بعض اللمسات على الشيء ، كما يكون ملزم ببذل عناية الرجل الحريص . 

تنفيذ العمل 

لإنجاز أي عمل في عقد المقاولة لابد من وجود مادة العمل ، وهذه المادة يمكن أن يقدمها رب العمل أو يقدمها المقاول ، وفي حالة تقديم رب العمل للمادة فإن دور المقاول ينحصر في تقديم العمل فقط مع إلتزامه بالحرص على المادة  وقت الإستخدام وتقديم لرب العمل حسابات عما إستخدمه وعما تبقى . طبقا لنص المادة 552 فقرة 1 من نفس القانون  "  إذا كان رب العمل هو الذي قدم المادة فعلى المقاول أن يحرص عليها ويراعي أصول الفن في استخدامه لها وأن يؤدي حسابا لرب العمل عما استعملها فيه ويرد إليه ما بقي منها فإذا صار شيء من هذه المادة غير صالح للإستعمال بسبب إهماله أو قصور كفايته الفنية فهو ملزم برد قيمة هذا الشيء لرب العمل . " 

في حالة وجود عيب في المادة التي قدمها رب العمل فإنه يجب على المقاول إخطاره بهذه العيوب أو العوامل الأخرى الموجودة فيه كي ينفي المسؤولية على عاتقه . 

وأضافت المادة 550 " يجوز للمقاول أن يقتصر على التعهد بتقديم عمله فحسب على أن يقدم رب العمل المادة التي يستخدمها أو يستعين بها في القيام بعمله . 
كما يجوز أن يتعهد المقاول بتقديم العمل والمادة معا " 

⤶ ففي حالة تقديم المقاول مادة العمل كلها أو جزء منها يكون العقد عقد مركب ( عقد بيع بتقديم المادة وعقد المقاولة بأداء العمل ) كما لابد أن يضمن لرب العمل جودتها ويكون مسؤولا عليها ، وإذا لم يتم الإتفاق على جودة المادة يلتزم المقاول بتقديم المادة من صنف المتوسط  وهذا ما أشارت إليه المادة 551  " إذا تعهد المقاول بتقديم مادة العمل كلها أو بعضها كان مسؤولا عن جودتها وعليه ضمانها لرب العمل . " 

ب ) إلتزام المقاول بتسليم العمل بعد إنجازه 

بعد إنتهاء المقاول من العمل المعهود إليه وكل الأشغال التي كلف بإنجازها حسب ما تم الإتفاق عليه يلتزم بتسليم العمل لرب العمل حسب الزمان والمكان المتفق عليه لأن العقد شريعة المتعاقدين بمقابل إلتزام رب العمل بتسلم هذا العمل 
- إذا لم يتم الإتفاق على الزمان والمكان التسليم والتسلم فإنه يتم على حسب ما يقتضيه العرف . 
- إذا هلك الشيء المنجز في يد المقاول بعد إعذار رب العمل بتسلم العمل فإن تبعة الهلك تقع على عاتق هذا الأخير . وأما إذا هلك الشيء المنجز في يد المقاول قبل إعذار رب العمل بتسلم العمل فإن المسؤولية تكون على عاتق المقاول . 
 * يحرر محضر التسليم من طرف الموثق . 

يقوم رب العمل بإستخراج شهادة المطابقة بعد الإنتهاء من العمل طبقا للمقايس المتفق عليها ، إذ تبين هذه الشهادة مدى تطابق الشكل مع البنية الخارجية للمبنى . 

ج ) إلتزام المقاول بضمان العمل بعد تسلمه 

يلتزم المقاول بضمان العمل بوجه عام وهو ضمان العيوب الموجودة في المادة المستعملة وجودة العمل كما يجب على المهندس المعماري وهذا المقاول أن يضمنواالعمل المؤدي خلال 10 سنوات ابتداء من يوم تسلم العمل وهذا ما يسمى بالضمان العشري وإذا رفض رب العمل تسلم العمل فتبدأ سريان المدة من يوم إعذاره وتتقادم الدعوى ب 3 سنوات إبتداء من يوم إكتشاف العيب . حسب المادة 557 " تتقادم دعاوى الضمان المذكورة أعلاه بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو اكتشاف العيب . " 

- المهندس المعماري هو : ذلك الشخص الذي تسند إليه مهمة وضع التصاميم والرسومات و النمادج لإنشاء المنشأت و المباني 

 لتحقيق ضمان العشري لابد من وجود الأسباب التالية : 

- وجود عيب في التصميم . 
- وجود عيب في البناء . 
- وجود عيب في الأرض . 
- وجود عيب في نوعية المادة وجودتها . 

وهذا ما أكدته المادة 554 " يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى ولو كان التهدم ناشئا عن عيب في الأرض ويشمل الضمان المنصوص عليها في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني والمنشأت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته . 
وتبدأ مدة السنوات العشر ( 10 ) من وقت تسلم العمل نهائيا . 
ولا تسري هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين الفرعيين . " 

جزاء الإخلال بإلتزام بالضمان 

في حالة إخلال المقاول والمهندس المعماري بإلتزام بالضمان يحق لرب العمل المطالبة بالتنفيذ العيني أو التعويض ، ولا يجوز له رفع دعوى الضمان إذا تقادمت . 

يمكن إنتفاء المسؤولية في حالة وجود سبب أجنبي ، كخطأ الغير أوخطأ رب العمل ، قوة قاهرة كالزلزال . 

من هم المستفيدين من الضمان العشري ؟ 

المستفيدين من الضمان العشري هم :

- رب العمل بإعتباره صاحب المشروع .
- خلف رب العمل وهو الوراثة . 
- خلف رب العمل الخاص وهو المشتري الذي إنتقلت إليه الملكية بطريقة قانونية . أما الغير فلا يستفيدون من هذا الضمان . 

تعريف الضمان العشري 

هو إلتزام يقع على عاتق كل من المقاول والمهندس المعماري ، فيجب عليهم وبالتضامن أن يضمن لرب العمل جودة العمل المقدم له وإتقانه وصلاحية  الأرض ، لأن المهندس هو المكلف بمراقبة مدى صلاحيتها للبناء ، ذلك خلال عشر سنوات من تاريخ تسليم العمل لرب العمل . 

ما مدى إمكانية الإتفاق على الإعفاء من الضمان ؟ 

⤶ لا يجوز الإتفاق على الإعفاء من الضمان سواء كليا أو جزئيا نظرا لمدى قيمة عقد المقاولة طبقا لنص المادة 556 ، ولا يجوز إقتصار الضمان على عيوب دون الأخرى كبقا لنص المادة 554 السابقة . 

يجوز زيادة مدة الضمان لبعث الطمأنينة في نفسية رب العمل قبل تحقق الضرر . 

في حالة ما إذا تنازل رب العمل عن هذا الضمان يجب على المقاول والمهندس المعماري التمسك بهذا النزول وبالتالي لن يثيره القاضي من تلقاء نفسه . 


مظاهر إخلال المقاول بإلتزاماته 

-  قيام المقاول بالعمل على الوجه المعيب : لرب العمل حق مراقبة عمل المقاول ليرى ما مدى تطابق العمل مع الشروط المتفق عليه ، وفي حالة وجود أي عيب أو خلل في الإنجاز فله حق التدخل ومنع المقاول في الإستمرار في ذلك العيب وذلك بوجوب توافر شرطين :
- أن يكون يكون إصلاح العيب بطريق التنفيذ أمر مستحيل . 
- أن يكون إصلاح العيب بطريق التنفيذ أو إنجاز العمل ممكنا . 

في حالة عدم إخطار رب العمل المقاول بوجود العيب في العمل في الوقت المناسب  وتركه يستمر في الإنجاز فإنه لا يستحق التعويض كونه أخل بواجبه المتمثل في التعاون مع المقاول . 

-  تأخر المقاول في إنجاز العمل : على المقاول تجسيد العمل المعهود له في أرض الواقع خلال المدة المتفق عليه ، وإذا لم يتم الإتفاق على المدة وجب الرجوع إلى أصول المهنة والعرف وينجز العمل في مدة معقولة . 

إذا رأى رب العمل أنه يستحيل إنجاز العمل في مدة معقولة جاز له طلب فسخ العقد دون إنتظار حلول أجال التسليم . 

للمقاول حق اللجوء إلى جميع الوسائل  التي تمكنه من تجسيد العمل في أرض الواقع ومن بين هذه الوسائل الإستعانة بالمقاولة الفرعية أو المقاولة من الباطن طبقا لنص المادة 564 من نفس القانون " يجوز للمقاول أن يوكل تنفيذ العمل في جملته أو في جزء منه إلى مقاول فرعي إذا لم يمنعه من ذلك شرط في العقد أو لم تكن طبيعة العمل تفترض الإعتماد على كفائته الشخصية  . 
ولكن يبقى في هذه الحالة مسؤولا عن المقاول الفرعي تجاه رب العمل " . 

⤶ وتقع على المقاول الفرعي نفس إلتزمات  المقاول الأصلي ، وله أيضا اللجوء إلى مقاول أخر ليسند له جزء من الأعمال وهكذا . ( ليس هناك ما يمنع تعاقب عدة عقود مادام الأمر يتعلق بعقد المقاولة ) . 

المسؤولية المترتبة على إخلال المقاول بإلتزاماته 

يتحمل المقاول مسؤولية خطئه في حالة تخلف شرط من شروط المتفق عليها  وتكون المسؤولية عقدية , 
كذلك في حالة سوء إختيار المادة المستعملة أو عدم الحرص على المادة التي قدمها رب العمل ، وهنا يلتزم بتعويض رب العمل عن الضرر الذي ألحقه به . 
في حالة الإستعانة بالمقاولة الفرعية يكون مسؤولا عن عملهم مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه . 

جزاء الإخلال بإلتزام بإنجاز العمل 

لرب العمل حق طلب التنفيذ العيني للإلتزام إذا كان ممكنا  وإذا امتنع المقاول جاز لرب العمل أن يهدده بغرامة مالية ، وإذا لم يستجب المقاول فلرب العمل أن يطلب فسخ العقد مع التعويض حسب ما لحقه من أضرار  . 

إذا كانت شخصية المقاول غير محل إعتبار جاز لرب العمل أن يطلب التنفيذ العيني بواسطة مقاول أخرعلى نفقة المقاول الأصلي طبقا لنص المادة 553 " إذا ثبت أثناء سير العمل أن المقاول يقوم به على وجه معيب أو مناف لشروط العقد جاز لرب العمل أن ينذره بأن يصحح من طريقة التنفيذ خلال أجل معقول يعينه له ، فإذا انقضى هذا الأجل دون أن يرجع المقاول إلى الطريقة الصحيحة جاز لرب العمل أن يطلب إما فسخ العقد وإما أن يعهد إلى مقاول أخر بانجاز العمل على نفقة المقاول الأول طبقا لأحكام المادة 170 أعلاه . 
غير أنه يجوز طلب فسخ العقد في الحال دون حاجة إلى تعيين أجل إذا كان إصلاح ما في طريقة التنفيذ من عيب مستحيلا " . 

2 ) إلتزامات رب العمل 

تقع على عاتق رب العمل إلتزامات التالية 

 أ ) إلتزام رب العمل بتمكين المقاول من إنجاز العمل 

على رب العمل أن يسهل للمقاول عملية تنفيذ عقد المقاولة وأن يمتنع عن كل العوامل التي تعرقل سير العمل ، وعليه إذا كان المقاول يحتاج إلى رخصة البناء حتى يبدأ بعمله فلابد على رب العمل أن يحصل على هذه الرخصة في أقرب وقت ممكن لتفادي الأخير في العمل . 

إذا تعهد رب العمل بتقديم مواد البناء وجب عليه أن ينفذ وعده ، وعليه بمساعدة المقاول في إنجاز العمل حسب الشروط المتفق عليه في العقد . 
- يمنع على رب العمل عرقلة سير العمل طبقا لمبدأ  تنفيذ العقد بحسن النية . 
- لا يجوز على رب العمل أن يسحب العمل من المقاول دون وجود سبب خطير يستدعي ذلك . 
فمتى توفر عنصر الخطأ والضرر والعلاقة السببة بينهما يسأل رب العمل مسؤولية عقدية لإخلاله بإلتزامه ، ( في حالة قيام المسؤولية العقدية يحق للمقاول والمهندس المعماري إما التنفيذ العيني أو فسخ العقد مع التعويض إذا لزم الأمر ) . 

ب ) إلتزام رب العمل بتسلم العمل 

عند نهاية العمل يلتزم المقاول بتسليمه لرب العمل كما ذكرنا سابقا ، كما يلتزم هذا الأخير بتسلمه والإستلاء عليه دون عائق ، 
ويحق لرب العمل فحص العمل . ويجوز له الإمتناع عن تسلم العمل إذا أخل المقاول بأحد شروط العقد أو كشف عيب فيه. 
ولكن إذا امتنع رب العمل عن تسلم العمل دون سبب يذكر يعتبر العمل قد تسلم ويقع الهلاك في حالة حدوثه على عاتقه . 
كما أنه ليس هناك ما يمنع أن ينفصل التسلم عن التسليم ، فيسبق أحدهما الأخر أو يليه ، وهذا ما تضمنته المادة 558 من نفس القانون " عندما يتم المقاول العمل ويضعه تحت تصرف رب العمل وجب على هذا الأخير أن يبادر إلى تسلمه في أقرب وقت ممكن بحسب ما هو جار في المعاملات ، فإذا امتنع دون سبب مشروع عن التسلم رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي إعتبر أن العمل قد سلم إليه ، ويتحمل كل ما يترتب على ذلك من أثار . " 
⤶  فتنتقل ملكية موضوع عقد المقاولة لحظة تقبل العمل . 
أما ما يخص مكان وزمان التسليم والتسلم يأخذ بما إتفق عليه لأن العقد شريعة المتعاقدين .

ملاحظة : في حالة وجود إختلاف بين أطراف العقد حول مدى تطابق العمل المنجز لشروط المتفق عليه فإنه يتم تعيين خبير في ذلك على نفقة رب العمل ويجب أن يحرر هذا الخبير محضر يتضمن النتائج التي توصل إليها . 
ولا يجوز لرب العمل أن يتعسف في رفض العمل إذا كان العيب طفيف بسيط لا يؤثر على الإنتفاع به وصلاحيته لغرض المقصود منه . 

أشكال التسلم 

قد يكون التسلم مؤقتا كأن يفصح رب العمل عن إرادته في تقبل العمل بصفة مؤقتة حتى يتم رفع كل الأسباب التحفضات التي يضمنها المقاول لرب العمل في محضر التسليم ، وذلك بإصلاح كافة العيوب وإكمال كل النقائص التي كانت سببا لتقرير هذه التحفظات ، وقد يكون التسلم كلي أو جزئي . 
التسلم الحكمي : حيث يتعين على رب العمل أن يبادر إلى التسلم العمل الموجز الموضوعي تحت تصرفاته ، فإن لم يفعل كان على المقاول أن ينذره رسميا لتسلم العمل ، فإذا إمتنع عن ذلك لسبب غير مشروع اعتبر أن العمل قد سلم إليه بصفة نهائية ، طبقا لنص المادة 558 السابقة . 
التسلم القضائي : يكون في حالة وقوع نزاع بين رب العمل والمقاول حول مشروعية سبب إمتناع رب العمل عن التسلم .
التسلم الصريح أو التسلم الضمني : قد يكون هذا التسلم صريح إما رضائيا أو قضائيا بتحفظات أو بدونها ، شفهيا أو كتابيا ، ولكن بعض المقاولات العامة يكون من مصلحة المقاول أن يهيء لنفسه دليل كتابيا على تسليم الأعمال ، لذلك جرت العادة أن يحرر محضر التسليم والتسلم يسجل فيه قبول الأعمال ويوقع عليه الطرفين . 

إذا أخل رب العمل بهذا الإتزام فيحق للمقاول إلزامه على تنفيذ إلتزامه عينا وكذا اللجوء إلى التهديد المالي ، (المادة 558 ) . 

ج ) إلتزام رب العمل بدفع الأجر 

يستند الأجر على عنصرين أساسين هما 

قيمة العمل والنفقات التي أنفقها المقاول لإنجاز العمل ومراعاة الوقت الذي إستغرقه لإنجاز العمل والأخذ بعين الإعتبار المؤهلات والسمعة التي يتمتع بها وكذا كفايته الفنية . 
والأجرو تدفع عند تسلم العمل ، إلا إذا تم الإتفاق على خلاف ذلك ، طبقا لنص المادة 559 " تدفع الأجرة عند تسلم العمل إلا إذا اقتضى العرف أو الإتفاق خلاف ذلك . " 

كما تشمل نفقات المقاولة أيضا قيمة المواد التي تعهد بإحضارها ليقوم بإستعمالها في تنفيذ الإلتزام كذلك أجر العمال . 
أما إذا كان قد إتفقوا على مقدار الأجر فالعقد شريعة المتعاقدين .
- إذا كان دفع الأجر يقتضي نفقات خاصة كأن أن يتم الدفع بطريقة حوالة بريدية أو بواسطة تحويل عن المصروف فتكون مصروفات الحوالة أو التحويل على رب العمل . 
أما بخصوص ضمانات الدفع فإذا أخل رب العمل بإلتزام دفع الأجر كان من حق المقاول أن يطلب التنفيذ العيني أو فسخ العقد دون الإخلال في حقه في التعويض . 
كما يستوفي المقاول حقه من ثمن محل عقد المقاولة بالأولوية عن الدائنين العاديين لرب العمل ، يأتي هذا الإمتياز في المتربة الثالثة بعد إمتياز المصروفات القضائية وإمتياز المبالغ المستحقة لخزينة العامة ، كما يحق له اللجوء إلى حق الحبس حتى ستوفي أجره من رب العمل . 

ما هي أسباب إنقضاء عقد المقاولة ؟ 

أسباب إنقضاء عقد المقاولة عديدة دعما بالقانون المدني الجزائري :
- حق رب العمل في وقف تنفيذ الأعمال قبل إتمامها يؤدي إلى إنقضاء عقد المقاولة دعما بنص المادة 566 مع تقديم التعويض للمقاول مقابل جميع المصروفات التي أنفقها وعن الأعمال التي أنجزها ، وللمحكمة السلطة التقديرية في تقدير أو تخفيض مبلغ التعويض حسب ما تراه مناسبا ، 

" يمكن لرب العمل أن يتحلل من العقد ويوقف التنفيذ في أي وقت قبل إتمامه ، على أن يعوض المقاول عن جميع ما أنفقه من المصروفات ، وما أنجزه من الأعمال وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل . 
غير أنه يجوز للمحكمة أن تخفض مبلغ التعويض المستحق عما فات المقاول من كسب إذا كانت الظروف تجعل هذا التخفيض عادلا ، ويتعين عليها بوجه خاص أن ينقص منه ما يكون المقاول قد إقتصده من جراء تحلل رب العمل من العقد وما يكون قد كسبه بإستخدام وقته في أمر أخر . " 

- إذا استحالة تنفيذ العمل المتفق عليه ، حسب المادة 567 " ينقضي عقد المقاولة بإستحالة تنفيذ العمل المعقود عليه " . 

- إذا هلك الشيء محل عقد المقاولة بسبب حادث مفاجئ قبل أن يتسلمه رب العمل انقضى العقد ، ولكن إذا هلك الشيء بخطأ المقاول يلزم بتعويض رب العمل ، وإذا كان الهلاك بسبب خطا رب العمل فإنه ملزم بتقديم الأجر للمقاول ، إستنادا بالمادة 568 " إذا هلك الشيء بسبب حادث مفاجئ قبل تسليمه لرب العمل فليس للمقاول أن يطالب لا بثمن عمله ولا برد نفقاته ، ويكون هلاك المادة على من قام بتوريدها من الطرفين . 
أما إذا كان المقاول قد أعذر بتسليم الشيء أو كان هلاك الشيء أو تلفه قبل التسليم راجعا إلى خطئه ، وجب عليه أن يعوض رب العمل . 
فإذا كان رب العمل هو الذي أعذر بأن يتسلم الشيء أو كان هلاك الشيء أو تلفه راجعا إلى خطأ منه أو إلى عيب في المادة التي قام بتوريدها كان هلاك المادة عليه وكان للمقاول الحق في الأجر وفي إصلاح الضرر عند الإقتضاء . " 

- إذا توفي المقاول وأخذ بعين الإعتبار مؤهلاته الشخصية  وقت التعاقد ينقضي عقد المقاولة ، وهذا ما أشرت إليه المادة 569 " ينقضي عقد المقاولة بموت المقاول إذا أخذت بعين الإعتبار مؤهلاته الشخصية وقت التعاقد وإن كان الأمر خلاف ذلك فإن العقد لا ينتهي تلقائيا ولا يجوز لرب العمل فسخه في غير الحالات التي تطبق فيها المادة 552 الفقرة 2 إلا إذا لم تتوفر في ورثة المقاول الضمانات الكافية لحسن تنفيذ العمل " . 

- إذا ما توفي المقاول قبل أن يتم العمل وقبل أن يسلم العمل وأن يستلم الأجر وجب على رب العمل أن يقدم للتركة هذا المقاول ( ورثته ) قيمة ما تم من الأعمال وما أنفق لتنفيذ ما لم يتم ، وهذا نفس الشيء إذا ما أصبح المقاول عاجز بسبب خارج عن إرادته ،تأكيدا لذلك بالمادة 570 " إذا انقضى العقد بموت المقاول وجب على رب العمل أن يدفع للتركة قيمة ما تم من الأعمال وما أنفق لتنفيذ ما لم يتم ، وذلك بقدرالنفع الذي يعود عليه من هذه الأعمال والنفقات . 
ويجوز لرب العمل في نظير ذلك أن يطالب بتسلم المواد التي تم إعدادها والرسوم التي بدئ في تنفيذها ، على أن يدفع عنها تعويضا عادلا . 
وتسري هذه الأحكام أيضا إذا بدأ المقاول في تنفيذ العمل ثم أصبح عاجزا عن إتمامه لسبب خارج عن إرادته . " 


Réactions :

تعليقات