مفهوم عقد الكفالة

القائمة الرئيسية

الصفحات

  مفهوم عقد الكفالة 


عقد الكفالة من العقود الخاصة المسماة التي نظمها المشرع الجزائري في القانون المدني من خلال بيان مفهومها وأحكامها وأركانها وكذا أثارها في الباب الحادي عشر " الكفالة " ، من الكتاب الثاني " الالتزامات والعقود " .


عقد الكفالة





سنتناول في هذه المحاضرة :  تعريف عقد الكفالة وخصائصها ( أولا ) ثم نبين أنواعها ( ثانيا ) ثم نذكر مصادرها ( ثالثا) وبعدها نذكر الشروط الواجب توافرها في الكفيل لتقبل كفالتها ( رابعا ) وفي الأخير نميزها عن بعض العقود المشابهة لها ( خامسا ) . 
 

أولا ) تعريف عقد الكفالة

 
عرف المشرع الجزائري عقد الكفالة في المادة 644 من القانون المدني على أنه " عقد يكفل بمقتضاه شخص تنفيذ إلتزام بأن يتعهد للدائن بأن يفي بهذا الإلتزام إذا لم يف به المدين نفسه . "

وعليه فإن الكفالة هي " عقد رضائي يتم بين الدائن والكفيل ،  وهو ضم ذمة الكفيل إلى ذمة المدين لضمان دين الدائن و الدائن يجد أمامه مدينين وهما المدين الأصلي والكفيل . 
فأطراف عقد الكفالة متكونه من طرفين وهم : الدائن ،  الكفيل  ، أما المدين فليس طرف في عقد الكفالة .
- تتواجد الكفالة حين يتواجد الإلتزام الأصلي بين الدائن والمدين أي علاقة مديونية بينهما .

وعليه كيفما كان الإلتزام الأصلي تكون الكفالة بمعنى :

- إذا كان الإلتزام الأصلي صحيحا مستوفيا لجميع الشروط والأركان وغير مخالف للنظام العام والأداب العام تكون الكفالة كذلك صحيحة قائمة بجميع أركانها وشروطها .
- إذا كان الإلتزام الأصلي غير مشروع تكون الكفالة غير مشروعة . 
- إذا كان الإلتزام الأصلي باطل تكون الكفالة باطلة . 
- في حالة ما إذا كان المدين ناقص الأهلية يحق له مطالبة إبطال الإلتزام عند البلوغ ويكون منشأ لكل أثاره القانونية فبتالي يزول إلتزام الكفيل .
- إذا كان الكفيل غير عالم بنقص أهلية المدين وتمسك المدين بنقص أهليته فيزول الإلتزام الأصلي وتزول معه الكفالة .
- إذا  كان الكفيل غير عالم بنقص أهلية المدين ولم يتمسك هذا الأخير بنقص أهليته فإنه تزول الكفالة وللكفيل حق التمسك بكل الدفوع ، ويبقى المدين على إلتزامه الأصلي تجاه الدائن .
- إذا كان الكفيل عالم بنقص أهلية المدين وقت التعاقد ، فلا يمسك الكفيل بزوال إلتزامه بالكفالة ، وليس له الحق بأن يتمسك بنقص أهلية المدين مادام المدين نفسه لم يتمسك بنقص أهليته . 

➤ خصائص عقد الكفالة


للكفالة عدة خصائص و تتمثل في :

عقد الكفالة عقد رضائي : يتم بين الدائن والكفيل ، فبمجرد تبادل إرادتهما ينعقد العقد . 
عقد الكفالة عقد ضمان شخصي : إن الكفيل لا يرهن ماله ولا يخصص جزء من أمواله للدائن ، وإنما كل أمواله ضامنة للدائن في حالة عدم وفاء المدين بإلتزامه ، لأن الكفالة هي" ضم الذمة المالية للكفيل إلى الذمة المالية للمدين للوفاء بالدين ، لذا يرجع الدائن أولا إلى المدين ويطالبه بالدين وفي حالة عدم كفاية أموال المدين أو كان معسرا يرجع إلى الكفيل ، وفي حالة عدم توافر الأموال لدى المدين والكفيل ينتظر الدائن أن تكون لديهما أموال .
 عقد الكفالة عقد تابع : تتواجد الكفالة بتواجد الإلتزام الأصلي فالكفالة إلتزام تبعي ، وكما قولنا سابقا كيفما كان الإلتزام الأصلي تكون الكفالة .
 عقد الكفالة عقد ملزم لجانب واحد : وهو الكفيل الذي يتعهد بضمان الوفاء بدين المدين في حالة عدم وفائه ، أما الدائن فلا تقع على عاتقه أي إلتزام نحو الكفيل إلا بتقديم بعض الوثائق تبين أنه دائن نحو هذا المدين .
 عقد الكفالة من عقود التبرع : ولذا يستلزم أن تكون أهلية الكفيل كاملة صحيحة غير معيبة حتى يكون العقد صحيح ، لأن الكفالة تصرف دائر بين النفع والضرر .

ثانيا ) أنواع الكفالة

للكفالة نوعان وهما : الكفالة المدنية والكفالة التجارية .

1 ) الكفالة المدنية

عقد الكفالة في الأصل عقد تبرعي مدني ، خالي من الربح حتى ولو كانت الكفالة تنصب على عمل أو دين تجاري أو حتى إذا كان الكفيل تاجر .
وهذا ما نصت عليه المادة 651 فقرة 1 من القانون المدني " تعتبر كفالة الدين التجاري عملا مدنيا ولو كان الكفيل تاجرا " . 

2 ) الكفالة التجارية

إذا كانت ضمان الأوراق التجارية ضمانا إحتياطيا على شكل سفتجة أو سند يكون العمل عملا تجاريا ، أو إذا كان عن طريق تظهير الأوراق التجارية في حالة عدم وجود أموال لدى المسحوب عليه يتعين على الساحب تعيين ضامن وهو الكفيل .
حسب نص المادة 651 فقرة 2 " غير أن الكفالة الناشئة عن ضمان الأوراق التجارية ضمانا احتياطيا ، أو عن تظهير الأوراق ، تعتبر دائما عملا تجاريا " . 
وعليه هناك حالتين في الكفالة التجارية حسب هذه المادة والمتمثلة في : 
 حالة ضمان الأوراق التجارية ضمانا إحتياطيا : وذلك بكتابة ورقة على شكل سفتجة أو سند ويكون العمل عملا تجاريا ، وهذا ما أكدته المادة 3 فقرة 1 من القانون التجاري الجزائري " يعد عملا تجاريا بحسب شكله التعامل بالسفتجة بين كل الأشخاص " والسفتجة فيها ثلاثة أطراف ( الساحب ، المسحوب عليه ، المستفيد ) ، وكما أضافت المادة 389 من نفس القانون " تعتبر السفتجة عملا تجاريا فيما بين كل الأشخاص " . 
مثال : الساحب يشتري سلعة معينة من المستفيد ويقدم له ورقة تجارية " السفتجة " وتحمل العبارة التالية : إدفعوا بموجب هذه السفتجة المبلغ ........ للمستفيد ( يذكر اسمه ) في تاريخ ... / .../ ... 
والمستفيد يطالب المسحوب عليه بالمبلغ المكتوب في السفتجة ، شرط أن يكون لدى الساحب أموال عند المسحوب عليه . 
 حالة تظهير الأوراق التجارية : في حالة ما إذا لم تكون أموال الساحب موجودة لدى المسحوب عليه ، فإن المستفيد يرجع إلى الساحب ويطالبه بالضمان ، مما يستوجب على هذا الأخير تعيين ضامن وهو الكفيل للرجوع إليه في حالة عدم وفاء الساحب بإلتزامه . 
 

ثالثا ) مصادر الكفالة

للكفالة ثلاثة مصادر : الكفالة القانونية ، الكفالة الإتفاقية ، الكفالة القضائية .

1 ) الكفالة الإتفاقية

هو وجود إتفاق وعقد يلزم المدين بتقديم كفيل بموجب العقد وهذا ما يسمى بالكفالة الإتفاقية ، فحتى إذا تقدم كفيل دون علم المدين أو بمعارضته يكون عقد إتفاقي بين الكفيل و الدائن .

2 ) الكفالة القانونية

هي الكفالة التي تكون بموجب القانون وهو تقديم المدين كفيل للدائن .

3 ) الكفالة القضائية

هي الكفالة التي يحكم القاضي بها ، فيحكم بتقديم كفيل وله أن يأمر في حالة الإستعجال بالتنفيد المعجل للحكم . فللقاضي السلطة التقديرية في ذلك . 
وحسب المادة  667 من القانون المدني " يكون الكفلاء في الكفالة القضائية أو القانونية دائما متضامنين " ، ففي حالة تعدد الكفلاء  لكفالة دين واحد فإنهم يكونون متضامنين بقوة القانون حتى ولو كانوا غير متضامنين ، ولدائن الرجوع على أي واحد منهم ، كما يمكن أن يكفل الكفيل جزء من الدين والكفيل الأخر يكفل الجزء المتبقى . 

رابعا ) شروط الكفيل

شروط الكفيل نصت عليه المادة 646 من نفس القانون " إذا التزم المدين بتقديم كفيل وجب أن يقدم شخصا موسرا ومقيما بالجزائر وله أن يقدم عوضا عن الكفيل تأمينا عينيا كافيا ".

1 ) أن يكون الكفيل شخصا موسرا

أي قادرا على الوفاء بدين المدين ، وإذا إدعى الدائن عدم كفاية التأمين أو أن الكفيل معسرا يجب أن يثبت ذلك .

2 ) أن يكون الكفيل مقيما بالجزائر

وهذا رعاية لمصلحة الدائن وسهولة مقضاته عند الإقتضاء ، فيكفي أن يكون له موطن مختار خاص لتنفيذ الكفالة حتى ولو كان أجنبي الجنسية ، المهم له موطن في الجزائر .

3 ) أن يقدم عوضا عن الكفيل تأمينا عينيا كافيا

يقدم الكفيل رهن رسميا أو حيازيا على عقار أو منقول و أن يكون كافيا للوفاء بدين المدين ، وفي حالة إدعاء الدائن عدم كفاية هذا التأمين فإن المسألة مسألة موضوعية تخضع لتقدير المحكمة .

4 ) أن تكون أهلية الكفيل كاملة

عند إنعقاد الكفالة لأنها عقد تبرع ، وإذا فقد أهليته بعد إبرام العقد فإن ذلك لا يؤثر على ضمان الدائن ، فتبقى الكفالة صحيحة منتجة لأثارها .
إذا غير الكفيل موطنه خارج الجزائر أو كان معسرا فإن ذلك يضعف التأمين وعلى المدين الوفاء بالدين فورا .

خامسا ) تمييز عقد  الكفالة عن بعض العقود المشابهة لها

هناك عدة عقود مشابهة لعقد الكفالة مما جعلنا نسلط الضوء عليها لتمييزها عن بعضها . 

1 ) الكفالة والتضامن بين المدينين

في حالة وجود مدينين متضامنين ، يستطيع الدائن الرجوع على أي واحد منهم لمطالبته بالدين كونهم مسؤولين مسؤولية تضامنية .
ولكن في الكفالة يرجع الدائن أولا على المدين وفي حالة عدم وفائه بإلتزامه ، يرجع الدائن على الكفيل لمطالبته بالوفاء .

2 ) الكفالة و التعهد عن الغير

المتعهد هو الشخص الذي يعطي عهدا للدائن بأنه يجعل الغير يقوم بإلتزام معين ، والغير حر في القبول أو الرفض ، فإذا قبل الغير يوفي بالإلتزام ، وإذا رفض القيام ، فإن المتعهد هو الذي يقوم بالإلتزام بنفسه ، وإذا لم يستطيع فإنه ملزم بتقديم تعويض للدائن كونه الملتزم الأصلي ، أما الكفيل يوفي بالإلتزام في حالة عدم وفاء المدين .

3 ) الكفالة والإنابة

هناك نوعان من الإنابة

الإنابة الناقصة تعني أن المدين قد أناب عنه شخصا أخر يتعهد للدائن بالوفاء بالدين الموجود في ذمته ، فهي تتم إذا حصل المدين على رضا الدائن بشخص أجنبي يقوم بالوفاء بالدين مكان المدين .
الإنابة الكاملة تكون عندما ينيب المدين شخص أخر يتعهد للدائن بدين جديد بدل الذي كان في ذمته ، أي أن الدين القديم ينقضي لينشأ مكانه دين جديد ، ويعتبر هذا التغيير بتغيير المدين .
الكفالة هو إلتزام تبعي للإلتزام الأصلي ، لكن الإنابة الكاملة هو أن يلتزم المناب بالإلتزام الأصلي والمنيب يختفي تماما فيبقى في مواجهة الدائن .
أما الإنابة الناقصة المناب يكون إلى جانب المنيب في إلتزامه الأصلي في مواجهة الدائن فالمناب له نفس درجة المنيب وليس له حق التمسك بالدفع بالرجوع على المنيب ولا الدفع بتجريد على مال المنيب أولا ، لكن الكفيل التزامه تبعي وليس أصلي وله الحق بالتمسك بدفع الرجوع أولا على المدين والدفع بالتجريد أموال المدين أولا .
 
 

Réactions :

تعليقات