الفعل المستحق للتعويض

القائمة الرئيسية

الصفحات

 الفعل المستحق للتعويض 



   يعتبر الفعل المستحق للتعويض كل الأفعال التي تسبب ضررا للغير ، ويترتب على الفاعل جزاء مدني وهو قيام المسؤولية المدنية على عاتقه . 
فالمسؤولية المدنية هي إلتزام بالتعويض الناشئ عن الفعل الضار ، وهي نوعان : 
 المسؤولية العقدية : وهي مسؤولية ناتجة عن الإخلال بالإلتزامات التعاقدية ، فأي إخلال ببنود العقد سواء بعدم الوفاء للإلتزام على أكمل وجه أو بالإمتناع عن الوفاء أو أي فعل قد يسبب ضرر للطرف الأخر في العقد ينشأ المسؤولية العقدية . 
المسؤولية التقصيرية : وهي الإخلال بإلتزام قانوني فرضه القانون وهو " عدم الإضرار بالغير " .وهذا هو محور الموضوع . 


المسؤولية التقصيرية


  
تناول المشرع الجزائري موضوع الفعل المستحق للتعويض في القانون المدني في الكتاب الثاني : الالتزامات والعقود ، الفصل الثالث : الفعل المستحق للتعويض ، وقسمه الى ثلاثة اقسام وهم كالتالي : 
المسؤولية عن الأفعال الشخصية  ( القسم الأول ) / المسؤولية عن فعل الغير( القسم القاني ) / المسؤولية الناشئة عن الأشياء ( القسم الثالث ) . وسنتناول كل قسم على حدى .


القسم الأول : المسؤولية عن الأفعال الشخصية 


تقوم المسؤولية التقصيرية على كل عمل ضار يصدر من الشخص نفسه ويلحق ضرر بالغير ، فقد نصت المادة 124 من القانون المدني الجزائري على أن " كل عمل أيا كان ، يرتكبه المرء ويسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه في التعويض " . وعليه أي ضرر يسببه الشخص لشخص أخر وجب عليه تقديم التعويض لجبر الضرر الذي لحقه بغيره . 

 تعريف الضرر 
الضرر : هو الأذى الذي يلحقه الشخص للغير ، فقد يكون ضرر معنوي  ( كالخوف مثلا ) أو مادي ( كتفويت فرصة الربح جراء عدم تنفيذ إلتزام ما مثلا ) ، وللقاضي السلطة التقديرية في تقدير الضرر . 

أولا :  أركان المسؤولية عن الفعل الشخصي 


تقوم المسؤولية التقصيرية عن الفعل الشخصي على ثلاثة أركان وهما : الخطأ ، الضرر ، العلاقة السببية بينهما . 

 1 ) الركن الأول : الخطأ 

إن إرتكاب الشخص لخطأ ما هو الدافع الأول لحدوث الضرر للغير . 

 تعريف الخطأ 
الخطأ هو انحراف الشخص في سلوكه عن سلوك الشخص العادي الموجود في نفس الظروف الخارجية مع علمه بهذا الإنحراف . 

أركان الخطأ 

يقوم عنصر الخطأ على ركنان وهما : 

أ ) الإنحراف أو التعدي 

يقع على عاتق كل شخص أخذ الحيطة والحذر في جميع تصرفاته كي لا يضر بالغير ، فاليقظة والتصبر واجب في كل التعاملات التي تدور بين الأشخاص ، وإلا يسأل مسبب الضرر مسائلة تقصيرية . 

يقاس سلوك الشخص المنحرف بسلوك الشخص العادي  ( ويسمى برب الأسرة العاقل المهتم بأمور نفسه ) لمعرفة درجة انحراف الشخص حتى نقول بأنه إرتكب خطأ ، فبتالي تقع عليه مسؤولية تقصيرية ، كما يجب أخذ بعين الإعتبار الظروف الخارجية للشخص عند إرتكابه للخطأ كظرف الزمان وظرف المكان ، خطأ عمدي أو غير عمدي ، عمل إيجابي أو عمل سلبي . 

- يقع عبئ إثبات وجود الخطأ على عاتق المضرور ، مما يستوجب إثبات أن المسؤول قد انحرف عن سلوك الشخص العادي مما تسبب له بالضرر . 

  •  الحالات التي لايكون فيه الإنحراف أو التعدي خطأ 

هناك حالات تعفى المسؤول من المسؤولية التقصيرية رغم أن ما قام به يعد خطأ ، ولكن نظرا للظروف المحيطة به تجعله عمل مشروع تنفي المسؤولية التقصيرية على عاتقه . 

1. الدفاع الشرعي 

حسب المادة 128 من نفس القانون فإنه " من أحدث ضررا وهو في حالة دفاع شرعي عن نفسه ، أو عن ماله ، أو عن نفس الغير ، أو عن مال الغير ، كان غير مسؤول ، على ألا يجاوز في دفاعه القدر الضروري ، وعند الإقتضاء لزم بتعويض يحدده القاضي . " 
 
 إن نص المادة صريح جدا وهو يبين نوع الدفاع ، ففي حالة ما إذا كان الشخص في صدد الدفاع عن نفسه وماله أو نفس ومال الغير ترفع عليه المسؤولية ، غير أنه يجب أن يكون هذا الدفاع بإستعمال وسيلة أقل ضرر ، وفي حالة ما إذا كان الضرر أكبر من مقدار الخطر المحدق بالشخص لزم بتقديم التعويض الذي يحدده القاضي . 

يشترط في الدفاع الشرعي 

- أن يكون هناك خطر يحدق بالشخص في نفسه أو ماله أو نفس ومال الغير ، فلا يمكن أن ترفع المسؤولية على شخص تسبب بضرر بالغير دون وجود أي خطر .
- أن يكون الخطر عملا غير مشروع . 
- أن يكون الدفاع متناسب مع جسامة الخطر ، فيكون دفع الإعتداء بالقدر اللازم  .
وفي حالة ما إذا كان الخطر مستقبلا يجب على الشخص أن يستعين بالسلطة المختصة لتتولى حمايته . 
    
2. تنفيذ أمر صادر من الرئيس 

نصت المادة 129 من نفس القانون على أن " لا يكون الموظفون والأعوان العموميون مسؤولين شخصيا عن أفعالهم التي أضرت بالغير إذا قاموا بها تنفيذا لأوامر صدرت إليهم من رئيس ، متى كانت إطاعة هذه الأوامر واجبة عليهم . " 

وعليه فإن تنفيذ أي أمر صادر من الرئيس ترفع المسؤولية على عاتق المرؤوس لأنه في صدد تنفيذ ما أمر به فقط . 

ويشترط في هذا العنصر

- أن يكون الأمر الصادر من الرئيس واجب الطاعة . 
- أن يكون الأمر مشروعا ، لأن تنفيذ أمر غير مشروع لا ينفي المسؤولية على من نفذ الأمر . 
- أن يكون من نفذ الأمر موظفا في صدد تولي وظيفته . 

يجب على الموظف الذي قام بالأمر الصادر من الرئيس أن يثبت أنه قام بعمل مشروع ، وإلا تقع عليه المسؤولية التقصيرية . 

3. حالة الضرورة 

طبقا لنص المادة 130 من القانون السابق فإنه " من سبب ضررا للغير ليتفادى ضررا أكبر محدقا به أو بغيره ، لا يكون ملزما إلا بالتعويض الذي يراه القاضي مناسبا " . 

وعليه فأي ضرر يلحقه الشخص بالغير من أجل تفادي قوع ضرر أكبر يلزم فقط بتقديم تعويض يقدره القاضي حسب جسامة الأذى الذي ألحقه بالغير . 

و شروط حالة الضرورة 

- أن يكون هناك خطر حال يهدد الشخص في نفسه أو ماله أو نفس ومال الغير . 
- أن يصدر الخطر من شخص أجنبي عن مسبب الضرر وعن المضرور . 
- أن يكون الخطر المراد تجنبه أكبر من الضرر الذي وقع على المضرور . 

ب ) الإدراك و التمييز 

يشترط أن يكون الشخص المنحرف مدركا تماما لتصرفاته وأن يكون مميزا بالغ لسن 16 سنة كي يسأل على تصرفاته الضارة . وهذا ما أكدته المادة 125 من نفس القانون . إذ " لا يسأل المتسبب في الضرر الذي يحدثه بفعله أو إمتناعه أو بإهمال منه أو عديم حيطته إلا إذا كان مميزا . " 

أما فيما يخص مقدار التعويض فإنها مسألة متروكة لقاضي الموضوع وله السلطة التقديرية في تحديده على حسب الظروف المحيطة بمسبب الضرر وظروف المضرور  . 

2 ) الركن الثاني : الضرر 


لا يكفي ركن الخطأ لقيام مسؤولية الشخص بل يجب أن يحدث الخطأ ضرر للغير كي تقوم المسؤولية التقصيرية . 

 تعريف الضرر 

الضرر : هو الأذى الذي يلحق الشخص في جسمه أو ماله أو نفسه ،  وهو نوعان :

الضرر المعنوي : هو أذى يصيب الشخص في نفسيته وشعوره كالخوف ، الحزن ، الألم . 

الضرر المادي : هو أذى يلحق الشخص في جسمه أوماله كإصابته  بجرح ( أذى في الجسم ) أو كسر له زجاج السيارة ( أذى في المال ) . 

 شروط الضرر 

لكي نقول أن الشخص قد لحقه ضرر يجب  : 

- أن يكون الضرر محققا ، وقع في الحال وليس متوقع الحدوث في المستقبل . 
- أن ينشئ الضرر إخلال بالمصلحة المشروعة للمضرور . 

3 ) الركن الثالث : العلاقة السببية بين الخطأ والضرر 


لا يكفي ركن الخطأ والضرر وحدهما لقيام المسؤولية الشخصية بل يحب أن تكون هناك علاقة بين الخطأ والضرر . 

إن العلاقة السبيية بين الخطأ والضرر هو إرتباط بين الإنحراف والأذى الذي حدث للمضرور ، بمعنى أخر أن يكون الخطأ الذي إرتكبه الشخص هو المسبب الرئيسي للأذى الذي لحق المضرور ( الضرر نشأ نتيجة حدوث خطأ ) . 

 حالات نفي وقطع العلاقة السببية بين الخطأ والضرر

- إذا أثبت المدعى عليه أن الخطأ لم يكن المنتج الرئيسي في إحداث الضرر . ( نفي العلاقة السببة ) 
-  إذا أثبت المدعى عليه أن الضرر حدث بسبب أجنبي لايد له فيه . ( قطع العلاقة السببة ) 

وقطع العلاقة السببة قد تكون بسبب قوة قاهرة  أو حادث مفاجئ ( زلزال ) لم يكن أحد يتوقع حدوثه أو دفعه ، أو خطأ المضرور نفسه ، أو خطأ الغير .  وفي هذه الحالة لا يلزم الشخص بتقديم التعويض طبقا لنص المادة 127 من القانون السابق " إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب لا يد له فيه كحادث مفاجئ ، أو قوة قاهرة ، أو خطأ صدر من المضرور أو خطأ من الغير كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر ، ما لم يوجد نص قانوني أو اتفاق يخالف ذلك ."

ثانيا : أثار قيام المسؤولية عن العمل الشخصي 


إن توافر أركان المسؤولية عن العمل الشخصي من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما يرتب أثار قانونية على مسبب الضرر وذلك بإلزامه بتقديم التعويض  للمضرور . 

 من هم أصحاب الحق في التعويض ؟؟

أصحاب الحق في التعويض هم : المضرور وهو الشخص الذي أصابه الضرر ، وورثة المضرور كأبنائه ، وهذا في حالة ما إذا كان الضرر الذي أصاب المضرور ضرر ماديا ، أما إذا كان الضرر معنوي فإن الورثة لا يستحقون التعويض إلا إذا كان إتفاق بين المضرور ومسبب الضرر على تقديم التعويض عن الضرر المعنوي للورثة . 

ما هي طرق التعويض ؟؟ 
 
-  قد يكون التعويض عيني : وهو الوفاء بالإلتزام عينا  ، مثال : شخص يبني جدار في ملكيته ويحجب الضوء على جاره ، فيلزم الشخص بهدم الجدار بحكم قضائي . 
- قد يكون التعويض بالمقابل : وهو تقديم شيء أخر بدل الوفاء بالالتزام عينا ، كما يمكن أن يكون الوفاء بالنقود . 
- قد يكون التعويض نقدي : وهو تقديم مبلغ مالي لجبر الضرر الذي ألحق بالمضرور ، ويمكن للقاضي أن يحكم بدفعه دفعة واحدة أو بالتقسيط على حسب نوع الضرر وحالة مسبب الضرر ( هل هو معسر أم ميسر ؟ ) . 
- قد كون التعويض غير نقدي : وعادة ما يحكم به القاضي في الضرر المعنوي ، مثال :  في دعوى القذف : يحكم القاضي بنشر حكم إدانة المدعى عليه في الجريدة . وهذا هو التعويض غير النقدي . 


 ما هي طريقة  تقدير التعويض ؟؟ 

- يقدر التعويض من طرف قاضي الموضوع ويأخذ بالضرر المباشر الحال ، ويشمل هذا الضرر عنصرين وهما : الخسارة التي لحقت بالمضرور ، والكسب الذي فاته . 

وهذا ما نصت عليه المادة 182 من القانون المدنى الجزائري " إذا لم يكن التعويض مقدرا في العقد أو في القانون فالقاضي هو الذي يقدره ، ويشمل التعويض مالحق من خسارة ومافاته من كسب ، .." 

- يقدر التعويض يوم صدور الحكم ، وفي حالة ما إذا كان الضرر أكبر من مقدار التعويض يجوز للقاضي بالحكم بتعويض إضافي  ، أما إذا تم الحكم بالتعويض ونقص الضرر بعدها فإنه لا يمكن إعادة النظر في التعويض كون الحكم بالتعويض قد حاز على قوة الشيء المقضي به . 

- في حالة ما إذا تحسنت حالة المضرور الذي طلب بالحكم بإيراد مرتب لمدى الحياة يجوز إنقاص التعويض . 

فالتعويض يقدر على حسب جسامة الضرر لا على حسب جسامة الخطأ . 

 متى تتقادم دعوى التعويض ؟؟

 تتقادم دعوى التعويض حسب المادة 133 من نفس القانون بمرور 15 سنة إبتداء من يوم وقوع الضرر . 

القسم الثاني : المسؤولية عن فعل الغير 


تكمن المسؤولية عن عمل الغير في تحمل نتائج أعمال الشخص الذي يكون تحت رقابة شخص أخر .  وهذا ما أكدته المواد من 134  /  136 / 137 من القانون المدني . 

أولا : مسؤولية متولي الرقابة 


 يقصد بمتولي الرقابة : الشخص الذي يتحمل عبئ رقابة شخص أخر نظرا إلى حالته ، سواء كان قصيرا  أو مصاب بأحد عوارض الأهلية ، أو مصاب بعاهة في جسمه . 

وقد نصت المادة 134 قانون مدني على أنه " كل من يجب عليه قانونا أو إتفاقا رقابة شخص في حاجة إلى الرقابة بسبب قصره أو بسبب حالته العقلية أو الجسمية ، يكون ملزما بتعويض الضرر الذي يحدثه ذلك الشخص للغير بفعله الضار . 

ويستطيع المكلف بالرقابة أن يتخلص من المسؤولية إذا أثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أثبت أن الضرر كان لابد من حدوثه ولو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية . " 

يقصد بالرقابة : سلطة أو قدرة شخص على العناية ورقابة شخص أخر يحتاج إلى الرقابة ، سواء بالإتفاق أو بحكم قضائي ، فبتالي له القدرة على تولي أموره القانونية ، ومساعدته في التصرفات القانونية التي يقوم بها . 

يقصد بالخاضع للرقابة : الشخص الذي لا يستطيع أن يتولى تسيير شؤونه أو تصرفاته القانونية بنفسه نظرا إلى حالته . 

1 ) شروط تحقق مسؤولية متولي الرقابة 


تتحقق مسؤولية متولي الرقابة بتوافر الشروط التالية 

أ ) تولي الشخص الرقابة على شخص أخر 

وهو إلتزام يقع على عاتق شخص سواء بمقتضى حكم قضائي أو بإتفاق على رقابة شخص أخر يحتاج إلى من يراقبه نظرا لحالته التي تمنعه من مباشرة تصرفاته القانونية بنفسه ، سواء بسبب قصره أي لم يبلغ سن الرشد ، أو بسبب الحالة العقلية له ( العوارض المعدمة للأهلية ) أو بسبب عاهة في جسمه . 

ب ) أن يصدر فعل ضار من الشخص الخاضع للرقابة 

إذا صدر عمل ضار من طرف الشخص الخاضع للرقابة قامت مسؤولية متولي الرقابة ، ويقع عبئ إثبات صدور الخطأ من طرف الخاضع للرقابة على عاتق المضرور ، فله أن يثبت وجود علاقة سببية بين الخطأ والضرر . 

- في حالة ما إذا كان الشخص الخاضع للرقابة مميزا أي بالغ سن 16 سنة تقوم المسؤولية الشخصية على عاتقه ، وللمضرور حق الرجوع عليه ومطالبته بالتعويض لأنه هو المسؤول الأصلي ، أما مسؤولية متولي الرقابة هي مسؤولية تبعية في هذه الحالة ، فكلاهما يسألان بالتضامن ، فإذا رجع المضرور وطلب التعويض من المكلف بالرقابة يجوز لهذا الأخير أن يرجع بما دفعه على الخاضع للرقابة لأنه هو المسؤول الأصلي . 

- في حالة ما إذا كان الشخص الخاضع للرقابة غير مميزفإن المضرور يرجع بالتعويض على متولي الرقابة وتكون مسؤوليته مسؤولية أصلية لإنعدام التمييز والإدراك عند الخاضع للرقابة . 

2 ) أساس مسؤولية متولي الرقابة 


تقوم مسؤولية متولي الرقابة على أساس الخطأ المفترض ، ذلك أنه في حالة ما إذا صدر ضرر من الشخص الخاضع للرقابة ، فإن المكلف بالرقابة يكون قد قصر في رقابته ، وعليه يكفي أن يثبت المضرور أنه أصيب بالضرر من عمل الخاضع للرقابة كي تقوم مسؤولية متولي الرقابة . 

 كيف لمتولي الرقابة أن يدفع المسؤولية على عاتقه ؟؟

أن الشخص المكلف بالرقابة له الحق في دفع المسؤولية على عاتقه وذلك ب :

- إثبات أنه لم يقصر في رقابة الخاضع لرقابته وأنه قام بواجبه على أكمل وجه . 
- إثبات أن المضرور له دخل في وقوع الضرر أوعلى علم بوقوعه . 
- قطع العلاقة السببة بين خطأ الخاضع للرقابة والضرر الذي ألحق بالمضرور . 
- إثبات وجود سبب أجنبي وأن الضرر لابد من حدوثه ولو قام بواجب الرقابة على أكمل وجه . 

ثانيا : مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه 


 يقصد بالمتبوع : من له سلطة فعلية على شخص أخر من حيث رقابته وتوجيهه . 

 يقصد بالتابع : الشخص الخاضع للمتبوع . 

نصت المادة 136 من القانون المدني الجزائري على أن " المتبوع مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بفعله الضار متى كان واقعا منه في حالة تأدية وظيفته أو بسببها أو بمناسبتها . 
وتتحقق علاقة التبعية ولو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه متى كان هذا الأخير يعمل لحساب المتبوع ."
وعليه فإن المتبوع مسؤول عن كل التصرفات الضارة التي يحدثها التابع في الحالات التالية : حالة تأدية وظيفته / بسبب تأدية وظيفته / بمناسبة وظيفته . لأن هناك بين المتبوع والتابع علاقة تسمى بعلاقة  تبعية  ( التابع يتبع المتبوع ) . 

1 ) شروط تحقق مسؤولية المتبوع 

تتحق مسؤولية المتبوع بتوافر الشروط التالية 

أ ) وجود علاقة تبعية بين التابع والمتبوع 

وذلك ب : 
- أن تكون سلطة فعلية للمتبوع .
- أن يخضع التابع لهذه السلطة . 
ولا يشترط أن تكون العلاقة بين التابع والمتبوع مشروعة لأن القانون ينظر إلى مدى توافر السلطة الفعلية  ، فالمهم أن يكون للمتبوع حق في إستعمال سلطته ، سواء بنفسه أو من ينوب عنه . 

إذا أنتقلت سلطة الرقابة والتوجيه من شخص إلى شخص أخر سمي المتبوع الجديد ب " المتبوع العرضي " ويتولى المسؤولية لفترة مؤقتة . 

ب ) إرتكاب التابع عملا ضار حال تأية وظيفته أو بسببه 

- في حالة ما إرتكب التابع فعل ضار وهو في صدد تولي مهام تابعة لوظيفته ، فإن المتبوع هو الذي يتحمل المسؤولية  حتى ولو كان التابع مميزا . ( وجود صلة بين عمل التابع والضرر الذي أحدثه ) 

2 ) أساس مسؤولية المتبوع 


إن أساس مسؤولية متولي الرقابة قائمة على وجود علاقة سببة بين الخطأ الذي أحدثه التابع والضرر الذي أصب المضرور . 
ويقع عبئ إثبات وجود الضرر على عاتق المضرور . 

- يمكن للمتبوع دفع المسؤولية على عاتقه بنفي مسؤولية التابع ، فإذا انتفت المسؤولية على عاتق التابع انتفت أيضا على عاتق المتبوع . 
وفي حالة ما إذا إرتكب التابع خطأ وهو خارج الوظيفة فإنه يسأل مسؤولية شخصية لأنه إرتكب الخطأ خارج تأدية مهامه مثال : الشرطي الذي يقتل شخص خارج تأدية واجبه ومهامه .
  
- وللمتبوع حق الرجوع على التابع ومطالبته بما دفعه إلى المضرور طبقا لنص المادة 137 من نفس القانون " للمتبوع حق الرجوع على تابعه في حالة إرتكاب خطأ جسيما ". 

القسم الثالث : المسؤولية الناشئة عن الأشياء 


تناول المشرع الجزائري هذه المسؤولية في المواد 138 / 139 / 140 / 140 مكرر / 140 مكرر 1 . 
فالإنسان يسأل على الأضرار التي تحدثها الأشياء التي تكون تحت رقابته ، وفيه ثلاثة حالات :
مسؤولية حراسة حيوان  ، مسؤولية المالك في حالة تهدم بنائه ، المسؤولية عن الأشياء الأخرى التي تحدث ضرر . 

أولا : مسؤولية حارس الحيوان  


كل شخص يحرس حيوان مهما كان فإنه مسؤول عن عن كل الأضرار التي يحدثها هذا الحيوان حتى ولو لم يكن المالك الأصلي له ، ففي حالة حدوث ضرر بسبب ضياع الحيوان أو تسربه  قامت مسؤولية الحارس ، وقد نصت المادة 139 من القانون المدني على أن " حارس الحيوان ولو لم يكن مالكا له مسؤول عما يحدثه الحيوان من ضرر ، ولو ضل الحيوان أو تسرب ، ما لم يثبت الحارس أن وقوع الحادث كان بسبب لا ينسب إليه " .  

1 ) شروط قيام مسؤولية حارس الحيوان


إن المادة السابقة بينت شروط تحقق مسؤولية الحارس وكيفية دفع هذه المسؤولية ، 
فشروط تحقق مسؤولية حارس الحيوان تكمن في :

أ ) حراسة الشخص لحيوان ما 

 يقصد بالحراسة : تولي الشخص الرقابة الفعلية على حيوان ، فتكون بيده زمام السيطرة على هذا الحيوان ، حتى ولو لم يكن المالك الأصلي له . 
فالماللك هو من يمتلك الرقابة القانونية  ، أما الحارس يمتلك الرقابة الفعلية ، فكل من يسرق حيوان أو يستعيره تنتقل المسؤولية من المالك إليه . 
للمضرور حق الرجوع بالتعويض على مالك الحيوان وللمالك أن يثبت أن الحراسة الفعلية إنتقلت منه إلى شخص أخر حين حدث الضرر . 

 يقصد بالحيوانات :  جميع الحيوانات الصغيرة والكبيرة ، الأليفة والمتوحشة , بشرط أن تكون حية وأن يصدر الضرر منها ، ففي حالة ما إذا كانت الحيوان ميت فإنه يسأل على أساس المادة 138 فقرة 1 التي نصت على أنه " كل من تولى حراسة شيء وكانت له قدرة الإستعمال والتسيير والرقابة ، يعتبر مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه ذلك الشيء" . 

ب ) صدرو ضرر من الحيوان محل الحراسة 

يقع عبئ إثبات إحداث الضرر على المضرور ، إذ عليه أن يثبت أن الحيوان الذي هو تحت حراسة الحارس هو السبب الرئيسي في الضرر الذي لحقه  سواء تم الاحتكاك بينهما أو لم يحدث الإحتكاك .  
مثال : نباح الكلب على شخص تسبب في سقوطه نتيجة خوفه مما أدى إلى إصابته بجروح . 
في حالة ما إذا إشترك الحيوان والشخص في إحدات الضرر فإن الشخص يسأل مسؤولية شخصية طبقا لنص المادة 124 السالفة الذكر . أما إذا أثبت الشخص أن زمام الأمور لم تكون بيده فإنه يسأل مسؤولية الحارس كونه أخطأ في توجيه وحراسة الحيوان . 

2 ) إنتفاء مسؤوية حارس  الحيوان 


حسب المادة 138 فقرة 2 من نفس القانون ، فإن حارس الحيوان يعفى من المسؤولية التقصيرية في حالة إثباته أن الضرر حدث بسبب لم يكن يتوقعه ، " ويعفى من هذه المسؤولية الحارس للشيء إذا أثبت أن ذلك الضرر حدث بسبب لم يكن يتوقعه مثل عمل الضحية أو عمل الغير أو الحالة الطارئة أو القوة القاهرة " .

فمسؤولية حارس الحيوان تنفى بإثبات أن الضرر وقع بفعل أجنبي لا دخل له فيه كالقوة القاهرة ، أو حادث مفاجئ أو خطأ المضرور أو خطأ الغير . وهذا ما أكدته أيضا المادة 139 السالفة الذكر . 

ثانيا : المسؤولية عن تهدم البناء 


يعد مالك البناء المسؤول الأصلي عن كل الأضرار الناتجة عن تهدم البناء المملوك له ، سواء تهدم كلي أو تهدم جزئي ، وعليه أن ينفي المسؤولية على عاتقه بإثبات أن الهدم لم يكن بسبب إهمال في صيانة أو  قدم البناء أو وجود عيب فيه . وهذا ما نصت عليه المادة 140 فقرة 2 " مالك البناء مسؤول عما يحدثه انهدام البناء من ضرر ولو كان انهداما جزئيا ، ما لم يثبت أن الحادث لا يرجع سببه إلى إهمال في الصيانة ، أو قدم في البناء ، أو عيب فيه ". 

1 ) شروط تحقق مسؤولية عن تهدم البناء 


تحقق مسؤولية المالك  حين يتهدم البناء التابع له بتوافر شرطين : 

أ ) وجود بناء 

ويقصد بالبناء كل ما بناه يد الإنسان على سطح الأرض أو باطنها  ، من  منازل ، مستشفيات ، مدارس ... أنابيب الغاز ، الجسور ...
ويكون الغرض منها سكنها أوإستعمالها لأغراض أخرى متنوعة . 

ب) حدوث ضررمن تهدم  البناء 

في حالة انهيار البناء وتهدمه بشكل كلي أو جزئي وحدث ضرر للغير بسبب سقوطه فإن المادة 138 فقرة 1 السالفة الذكر هي التي تطبق عليه ويكون مالك البناء هو المسؤول عن الأضرار التي يسببها هذاالتهدم . 
مثال : سقوط نافذة زجاجية وإصابة المضرور بجروح . 

2 ) نفي المسؤولية عن تهدم البناء 


يسأل مالك البناء على تقصيره في صيانة البناء القديم أو الذي فيه عيب ، فبمجرد أن أثبت المضرور أن الضرر الذي أصابه كان نتيجة تهدم البناء تقوم مسؤولية المالك . 

وللماك نفي المسؤولية على عاتقه بإثبات أن تهدم البناء لم يكن بسبب قدم البناء أو عدم الصيانة ، وإنما السبب راجع إلى السبب الأجنبي أو القوة القاهرة أو خطأ المضرور 

ثالثا : المسؤولية عن الأشياء الأخرى التي تحدث  أضرار 


بين نص المادة 138 السالف الذكر شروط  تحقق مسؤولية الحارس وطريقة إنتفائها ، فكل من تولى حراسة شيء وكانت له سلطة الوقابة والتوجيه عليه كان مسؤولا عن الأضرار التي يحدثها هذا الشيء ، كما يحق للحارس نفي المسؤولية على عاتقه بإثبات أن لا دخل له في الضرروأنه أقام بواجب الحراسة على أكمل وجه . 

1 ) شروط قيام مسؤولية حارس الأشياء 


تقوم مسؤولية الحارس بتوافر شرطين وهما : 

أ ) تولي حراسة الشيء

ويقصد بالشيء كل الأشياء التي تحتاج إلى حراسة  ، سواء جامدة أو متحركة ، صلبة أو سائلة حسب المادة 138 بإستثناء جسم الإنسان إحتراما له  والحيوانات التي تطبق عليه أحكام المادة 139 . 

ب ) أن يحدث هذا الشيء ضرر 

- إذا كان تدخل الشيء ايجابيا في احداث الضرر قامت مسؤولية الحارس ، كأن يحدث إنفجار محرك السيارة ، هنا إشترك فعل الشيء مع فعل الإنسان الذي لم يتوخى الحذر بمراقبة صلاحية المحرك . 

- أما إذا كان تدخل الشيء سلبي في احداث الضرر فإن الحارس يعفى من المسؤولية ، كأن تكون السيارة في موضع سكون في مكان ملائم للوقوف ويصطدم بها شخص ، فالخطأ ينسب إلى المضرور لا إلى السيارة أو حارسها . 

2 ) نفي المسؤولية عن حارس الأشياء 


- لحارس الشيء الحق في نفي المسؤولية على عاتقه بإثبات خطأ المضرور أو خطأ الغير أو قوة قاهرة أو وجود حادث مفاجئ لم يكن يتوقعه . 
- على حارس الشيء أن يثبت أن الشيء كان في الموضع الصحيح حين تحقق الضرر . 
- يقع عبئ إثبات حدوث الضرر من الشيء المملوك للمدعى عليه على عاتق المضرور طبقا لمبدأ " الإثبات يقع على من يدعي " . 
- على الحارس أن يثبت انتقال الحارسة الفعلية منه إلى شخص أخر حين وقوع الضرر . 
- في حالة حدوث حريق في الشيء محل الحراسة ( عقار أو منقول ) وكان للحارس السلطة الفعلية للشيء وأثبت الخطأ في جانب الحارس قامت مسؤوليته ويلزم بتعويض المضرور ، طبقا للمادة 140 فقرة 1 " من كان حائزا بأي وجه كان لعقار أو جزء منه أو منقولات ، حدث فيها حريق لا يكون مسؤولا نحو الغير عن الأضرار التي سببها هذا الحريق إلا إذا أثبت أن الحريق ينسب إلى خطئه أو خطأ من هو مسؤول عنهم ". 

Réactions :

تعليقات