تعريف العقد ، تقسيماته ، أركانه
العقد من أهم المصادر المنشئة للإلتزام ، إذ وحده ينشئ الأغلبية الكبيرة من الإلتزامات .
نظم المشرع الجزائري أحكام العقد في القانون المدني ، الكتاب الثاني : الالتزامات والعقود ، الباب الأول : مصادر الالتزام ، الفصل الأول العقد .
أولا ) تعريف العقد
عرف المشرع الجزائري العقد في المادة 54 من القانون المدني الجزائري على أنه : " اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص نحو شخص أو عدة أشخاص أخرين بمنح أو فعل أو عدم فعل شيء ما " .
فالعقد يكون باتفاق إرادتين على إحداث أثر قانوني بتوافر الإرادة الحرة للمتعاقدين ( مبدأ سلطان الإرادة ) ثم يأتي القانون لحماية هذه الإرادة والعمل على تحقيق الغاية منها .
ثانيا ) تقسيمات العقد
هناك نوعان من التقسيمات : تقسيم المشرع الجزائري وتقسيم الفقه .
1 ) تقسيمات المشرع الجزائري حسب القانون المدني
إعتمد المشرع الجزائري في تصنيف العقود على التقنين المدني الفرنسي ، وهذه التصنيفات كالتالي :
أ ) العقد الملزم للجانبين
هوذلك العقد الذي ينشئ إلتزامات تقع على عاتق شخصين أو أكثر فيكون كل واحد منها دائن ومدين في نفس الوقت .
مثـــال : البائع هو مدين بتسليم البضاعة للمشتري الذي هو في مركز الدائن . والمشتري مدين بدفع الثمن للبائع الذي هو في مركز الدائن .
وهذا ما أكدته المادة 55 من نفس القانون : " يكون العقد ملزم للطرفين ، متى تبادل المتعاقدان الالتزام بعضهما بعضا . "
ب ) العقد الملزم لجانب واحد
هو ذلك العقد الذي ينشئ إلتزام على عاتق طرف واحد دون أن يلتزم الطرف الأخر بأي إلتزام .
مثـــال : عقد الهبة ، يلتزم الواهب ( المدين ) بتقديم الهبة للموهوب له ( الدائن ) دون أي عوض .
وهذا ما أكدته المادة 56 من نفس القانون : " يكون العقد ملزما لشخص ، أو لعدة أشخاص ، إذا تعاقد فيه شخص نحو شخص ، أو عدة أشخاص أخرين دون التزام من هؤولاء . "
ج ) العقد المحدد
هو ذلك العقد الذي يحدد فيه الطرفين مقدار ما يعطي ومقدار ما يأخذ كل واحد منهما وقت التعاقد . ( تبادل الإلتزامات )
مــثــال : عقد البيع ، فيه يعرف البائع مقدارالسلعة التي يقدمها للمشتري ومقدار المبلغ الذي يأخذه منه ، كذلك المشتري يعلم بمقدار السلعة التي يأخذها من البائع ومقدار الثمن الذي يقدمه له .
وهذا ما أكدته المادة 57 فقرة 1 من نفس القانون : " يكون العقد تبادليا متى التزم أحد الطرفين بمنح ، أو فعل شيء ، يعتبر معادلا لما يمنح ، أو يفعل له . "
د ) العقد الإحتمالي أو ما يسمى بعقد غرر
هو ذلك العقد الذي لا يعرف فيه المتعاقدين مقدار ما يعطي ومقدار ما يأخذ كل واحد منهم . ( عكس العقد المحدد )
مــثــال : بيع ما سوف تأتي به شبكة الصياد ، فقد يكون كثيرا ( ربح ) وقد لا يكون ( خسر ) .
وهذا ما أكدته المادة 57 فقرة 2 من نفس القانون : " إذا كان الشيء المعادل محتويا على حظ ربح ، أو خسارة لكل واحد من الطرفين على حسب حادث غير محقق فإن العقد يعتبر عقد غرر ".
هــ ) العقد بعوض
هو ذلك العقد الذي يحصل فيه الطرفين على فائدة ذات قيمة مالية عند الوفاء بإلتزام ما .
مــثــال : إبرام عقد بين مقاول ورب العمل على بناء فيلا ، فيلتزم المقاول بتنفيذ إلتزامه وهو البناء ويلتزم رب العمل بالمقابل بدفع أجرة للمقاول جراء تنفيذ إلتزامه .
وهذا ما أكدته المادة 58 من نفس القانون : " العقد بعوض هو الذي يلزم كل واحد من الطرفين إعطاء ، أو فعل شيء ما " .
2 ) تقسيمات الفقه
وضع الفققه عدة تقسيمات للعقود وتطرق إليها من زوايا مختلفة وهي كالتالي :
أ ) من حيث تكوين العقد
وهي ثلاثة :
العقد الرضائي
هو عقد يتم بمجرد اتفاق و تطابق إرادتين على إحداث أثر قانوني ، وقد نصت عليه المادة 59 من نفس القانون : " يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتهما المتطابقتين دون الإخلال بالنصوص القانونية . "
العقد الشكلي
هو ذلك العقد الذي يشترط الرسمية لإنعقاده ، بحيث يمنع الإغفال عنه ،
مــثـال : بيع عقار يستوجب تحرير عقد البيع عند الموثق مع مراعة عدة شروط وإجراءات في ذلك .
العقد العيني
هو ذلك العقد الذي يتم بتسليم محل العقد .
مــثال : الاتفاق على بيع مقدار من القمح ، القمح هو المحل والعقد يتم بتسليم القمح على حسب المقدار والجودة المتفق عليه ، فيتم انعقاد العقد عينيا .
ب ) من حيث تنفيذ العقود
وفيه نوعان :
العقد الفوري
هو العقد الذي يكون فيه يوم الانعقاد والتنفيذ نفسه .
مــثــال : شراء جريدة ودفع الثمن فورا .
العقد الزمني
هو العقد الممتد إلى زمن معين ، فتكون إلتزمات المتعاقدين مقترنة بظرف زمان .
مــثــال : عقد الإيجار : تحدد الأجرة على أساس مدة الإنتفاع بالعين المؤجرة .
ج ) من حيث مساواة المتعاقدين
وهناك نوعان :
عقد المساومة
هو مناقشة بنود العقد بين المتعاقدين ، فيحدد كل واحد منهم ما يحقق مصلحته ، وعادة ما تكون الإرادين متكافئتين .
عقد الإذعان
هو ذلك العقد الذي يملي فيه أحد المتعاقدين شروطه ، وما على المتعاقد الأخر سوى القبول أو الرفض .
د ) من حيث الأحكام التي تدير العقود
وهي كالتالي :
العقد المسمى
هو العقد الذي تولى المشرع تسميته وتنظيم أحكامه في مختلف القوانين .
مــثــال : العقد الرضائي .
العقد غير مسمى
هو العقد الذي لم يتولى المشرع الجزائري تنظيمه ولا تسميته ، فقد ترك هذه المسألة للمتعاقدين ، خاصة إذا كانت إرادتهما مستقلة حرة لا يقيدها إلا النظام العام والأداب العامة .
هــ ) من حيث إنصراف أثار العقود
وهي كالتالي :
العقد الفردي
هو العقد الذي يتم بين شخصين أو أكثر وتنصرف أثاره إلى متعاقد واحد فقط .
العقد الجماعي
هو ذلك العقد الذي يبرم بين عدة أشخاص تربطهم مصلحة واحدة .
مــــثــال : عقد الشراكة .
العقد البسيط
هو عقد يشمل نوع واحد من العقد .
مــــثـال : عقد البيع ، عقد الإيجار .
العقد المركب
هو ذلك العقد الذي يشمل على أكثر من عقد واحد .
مـــثـــال : عقد الفندقة : فهو يتضمن عقد النزل ( الإقامة ) وعقد البيع بالنسبة للطعام .
ثالثا : أركــان العقد
إن العنصر الأساسي لإبرام العقد و تكوينه هو توافر الإرادة الحرة للمتعاقدين ، لكن وحدها لا تكفي لإتمام العقد بطريقة صحيحة موافقة لمبادئ القاعدة القانونية .
وعليه اتفق الفقهاء على ضرورة توافر عناصر أخرى وهي : الرضا ، المحل ، السبب ، الشكلية في العقود التي تستدعي هذه الشكلية .
1 ) الرضا
سنتطرق إلى معرفة معنى الرضا وشروط صحته وكذا العيوب التي قد تطرأ عليه .
تعريف الرضا
يعتبر الرضا ركن جوهري لقيام العقد ، وعليه لابد من توافر رضا المتعاقدين ، وأن يكون هذا الرضا سليما خاليا من كل العيوب .
وهذا ما نصت عليه المادة 59 من القانون السابق " يتم العقد بمجرد تبادل الطرفان التعبير عن إرادتهما المتطابقتين دون الإخلال بالنصوص القانونية " .
شروط صحة التراضي
لصحة التراضي لابد من توافر الشروط التالية :
- صدرو الرضا من ذي أصحاب الأهلية .
- خلو الرضا من كل العيوب والمتمثلة في : الغلط / التدليس / الإكراه / الإستغلال / .
بالإضافة إلى عنصر الغبن الذي هو عيب في محل العقد وليس في عيب في الإرادة .
عــيــــوب الرضــــــــــا
لقد أورد المشرع الجزائري أربعة عيوب تشوب إرادة المتعاقد ، ما يجعل التصرف الصادر عن هذه الإرادة صحيحا ولكن قابل للإبطال ، لأن انعدام الإرادة بالكامل يؤدي إلى إبطال العقد بطلانا مطلقا . وهذه العيوب هي :
- الغلط : هو وهم يقوم في ذهن الفرد ، يجعله يعتقد الأشياء على غير حقيقتها مما يدفعه للتعاقد .
أنواع الغلط
- الغلط المانع : هو الغلط في ماهية العقد ( كتلقي شيء المبيع على سبيل الهبة في حين أن الطرف الأخر كان في صدد بيعه ) أو في ذاتية محل الإلتزام ( كقرارالبائع ببيع حصان بني في حين أن المشتري يعتقد أنه يشتري الحصان الأسود ) أو في سبب العقد ( الدافع ) ففي هذه الحالة يعدم الرضا وبيطل العقد .
- الغلط في شخصية المتعاقد : أن يتعاقد شخص مع شخص أخر غير الذي يريد أن يتعاقد معه ، فيجوز له طلب إبطال العقد .
- الغلط في القانون : هو توهم الشخص بأن القانون يلزمه على فعل ما ، مما يدفعه للتعاقد ، ثم يتبن له غير ذلك .
- الغلط المادي : هو وقوع الشخص في غلط معين كالغلط في الحسابات ، الكتابة ، فيكفي استدراك الغلط وتصحيحه . كما يمكن أن يكون الغلط في صفة الشيء المادي .
مــثال : أن يشتري الشخص خاتم معتقدا أنها من الذهبب الخالص ، ثم يكتشف أنه من الفضة وما عليه إلا طلاء من ذهب ، مما يؤدي إلى قابليته لإبطال العقد .
- الغلط المشترك والغلط الفردي : هووقوع المتعاقدين في غلط واحد وهو ما يسمى بالغلط المشترك مما يؤدي إلى طلب إبطال العقد ، والغلط الفردي هووقوع طرف واحد في غلط ، فله أن يطلب ابطال العقد حتى ولو كان المتعاقد الثاني لا يعلم بوجود هذا الغلط .
شروط الغلط
حددت المادة 82 من القانون المدني شروط الغلط على النحو التالي :
" يكون الغلط جوهريا إذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط .
ويعتبر الغلط جوهريا على الأخص :
إذا وقع في صفة للشيء يراها المتعاقدان جوهرية ، أو يجب إعتبارها كذلك نظرا لشروط العقد ولحسن النية .
إذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته ، وكانت تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد . "
من خلال استقراء هذه المادة تظهر لنا شروط الغلط وهي كالتالي :
- بلوغ الغلط حدا من الجسامة ، إذ لايمكن التعاضي عنه ، فلو علم المتعاقد بوجود هذا الغلط لما أبرم العقد ، ففي حالة ما كان المتعاقد حسن النية ووقع في غلط في صفة الشيء ( كمثال الخاتم الدي ذكرناه سابقا ) فإنه يبطل العقد .
- الوقوع في غلط في ذات المتعاقد أو في أحد من صفاته ، إذا كانت شخصية المتعاقد أو إحدى صفاته السبب الرئيسي للتعاقد ، فيبطل العقد . ( اعتقاد المتعاقد بإبرام العقد مع أحمد ولكنه وقع في غلط وتم ابرام العقد مع محمد ، فله طلب ابطال العقد . )
- التدليس : هو اللجوء إلى الطرق الإحتيالية من شأنها أن تخدع المدلس عليه وتدفعه للتعاقد
عناصر التدليس
يقوم على عنصرين وهما
- العنصر المادي : استعمال حيل وأساليب تحمل المدلس عليه على التعاقد ، كالكذب على جودة السلعة مثلا قد تجعل الشخص يشترها دون أن يكتشف ذلك .
- العنصر الشخصي : الحيل التي لجأ إليها المدلس لجعل الشخص يبرم العقد بحيث لو لاها لما أبرم العقد .
شروط التدليس
-استعمال طرق احتيالية من طرف المدلس على المدلس عليه قصد التضليل وحمله على التعاقد .
- أن يكون التدليس هو السبب الرئيسي لابرام العقد .
- أن يصدر التدليس من أحد المتعاقدين ، وإذا صدر من شخص ليس طرف في العقد يجب أن يثبت المدلس عليه أن المتعاقد الأخر على علم بهذا التدليس .
ميز الفقه الفرنسي بين نوعين من التدليس
- التدليس الرئيسي : فيكون وحده كافي لجعل العقد قابل للإبطال .
- التدليس العرضي : يغري المتعاقد بصفات ومميزات لا أساس له مما يجعله يتعاقد ، فهذا النوع لا يبطل العقد فقط وإنما يجب على المدلس عليه مطالبة المدلس بتعويض الضرر الذي ألحقه به طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية .
- الإكراه : هو الضغط المادي والمعنوي الممارس ضد الشخص يولد في نفسه الرهب والخوف مما يحمله على التعاقد رغما عنه .
مــثــال : تهديد شخص بالضرب من أجل إمضاء على ورقة بيع رغما عنه . فالعقد يكون باطلا بطلانا مطلقة لأن إرادة الشخص منعدما بتاتا .
يراعي في تقدير الإكراه جنس من وقع عليها الإكراه وحالته الإجتماعية والوسيلة المستعملة في الإكراه .
عناصر الإكراه
- العنصر المادي : هو الوسيلة المستعملة لضغط على حرية الشخص لشل إرادته كالضرب ، التهديد ، القتل ، العنف ...
- العنصر الشخصي : هو جنس من وقع عليه الإكراه ، فهناك وسائل تهديدية تؤثر على المرأة وتبعث في نفسيتها الرعب والخوف ولا تؤثر على الرجل ، كما هنا وسائل تهديدية أخرى تؤثر على المسن ولا تؤثر على شخص في مقتبل العمر .
شروط الإكراه
- استعمال وسائل غير مشروعة لتحقيق الاكراه وحمل المكروه على ابرام العقد .
- أن يستعمل الإكراه من شخص طرف في العقد ، وإذا استعمل الإكراه من شخص غير طرف في العقد يجب على المكروه إثبات أن المتعاقد الأخر على علم بهذا الإكراه .
- أن يولد الإكراه رهبة وخوف وتهديد على المتعاقد المكروه مما يدفعه للتعاقد .
- الإستغلال : هو أن يستغل المتعاقد طيشا بينا أوهوى جامحا في المتعاقد الأخر يحمله على إبرام العقد ، ويجب أن ترفع الدعوى بذلك خلال سنة من تاريخ العقد وإلا كانت غير مقبولة .
عناصر الإستغلال :
- العنصر المادي : عدم تعادل إلتزامات الطرفين ، وهذا مايحدث في البيع والشراء فكثيرا من الأحيان يكون الثمن أكبر بكثير من قيمة الشيء المبيع .
- العنصر الشخصي : استغلال طيش المتعاقد ودفعه للتعاقد .
- الغبن : هو عدم تعادل بين ما يعطيه العاقد وما يأخذه العاقد الأخر . وهذا عيب في العقد وليس في الارادة .
خصائص الغبن :
- الغبن يكون في عقود المعاوضة المحددة .
- الغبن يقدر بقيمة مادية .
- الغبن يقدر وقت ابرام العقد .
طرق التعبير عن الإرادة
هذه الطرق حددها المشرع الجزائري في القانون المدني وهي كالتالي :
أ ) التعبير الصريح
نصت المادة 60 من نفس القانون على أن " التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة ، أو بالإشارة المتداولة عرفا ، كما يكون بإتخاذ موقف لايدع أي شك في دلالته على مقصود صاحبه " .
فطرق التعبير عن الإرادة تكون إما :
- باللفظ : يكون التعبير باللسان أو أية لغة ، شرط أن يفهمها كل من المتعاقدين .
- الكتابة : يكون التعبير بخط اليد أو بالالة ، وأي كانت اللغة المستعملة ، كما يشترط أن تكون الكتابة رسمية .
- الإشارة المتداولة عرفا : كهز الرأس عموديا للدلالة على الموافقة أو هز الرأس أفقيا لدلالة على الرفض .
- إتخاذ أي موقف لايدع أي شك في دلالته على ما يقصده صاحبه : كوقف سيارة الأجرة ( طاكسي ) في أماكن المخصصة لها ، فهذا الموقف يبين أن السائق يعرض سيارته للركوب .
ب ) التعبير الضمني
التعبير الضمني هو الدلالة على الارادة بطريقة غير مباشرة ، وإنما عن طريق الإستنتاج .
وهذا ما وضحته المادة 60 فقرة 2 من نفس القانون " يجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيا إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحا . "
مـــثــال : بقاء المستأجر في العين المؤجرة بعد إنتهاء مدة الإيجار دليل على الرغبة في التعاقد من جديد .
ج ) التعبير عن الإرادة بالسكوت
لا يمكن القول أن السكوت تعبير عن الإرادة بحد ذاته لأن الرغبة لم تظهر بشكل واضح ، كما أن الإيجاب عرض والعرض لايفهم إلا من موقف إيجابي من الموجب إلى الغير .
أما في القبول فإنه يصلح أن يكون السكوت تعبيرا عن القبول ( الموافقة ) .
مــــثال : إيجار منزل لشخص وبعد إنتهاء مدة الإيجار لم يخرج من العين المؤجرة ، وسكت المؤجر ، فيفهم من هذا أن المستأجر يريد البقاء وتجديد عقد الإيجار .
أنواع الإرادة
وهي نوعان :
أ ) الإرادة الباطنة
الإرادة الباطنة هي الإرادة الداخلية للشخص ، ووفق لمبدأ سلطان الإرادة فإن الشخص ملزم فقط بما أراده ، لذا دائما ما يتم الأخذ بالإرادة الباطنة .
ب ) الإرادة الظاهرة
الإرادة الظاهرة تعبير خاريجي بحيث يفهم المتعاقد مقصود المتعاقد الأخر ، والقانون لا يأخذ سوى بالمظاهر الخاريجية ولا دخل له فيما يدور في نفسية الأشخاص من نوايا خفية .
ج ) موقف المشرع الجزائري من هذه المسألة
نصت المادة 111 فقرة 1 من نفس القانون على أنه " إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الإنحراف عنها عن طريق تأويلها للتعرف على إرادة المتعاقدين . "
وأضافت الفقرة 2 من نفس المادة :" أما إذا كان هناك محل لتأويل العقد ، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ . "
يتبين من خلال عذه المادة أن المشرع الجزائري مثله مثل المشرع المصري إذ أخذ بالإرادة الظاهرة الواضحة في العقد .
توافق الإرادتين
يتم توافق الغرادتين بالإيجاب والقبول
أ ) الإيجاب
هو التعبير عن الإرادة في إنشاء العقد . ( الإيجاب = عرض ) .
و شروط الإيجاب : تحديد العناصر الجوهرية للعقد المراد إبرامه .
مــثال : الإيجاب في عقد البيع : يتضمن الرغبة في إبرام العقد وبتالي تحديد نوع المبيع وقيمته .
ب ) القبول
هو تعبير بات عن الإرادة يصدر من المتعاقد الأخر( من وجه إليه الإيجاب ) . ( القبول = الموافقة ) .
ومن شروط القبول : أن يكون مطابق للإيجاب مطابقة تامة وأن يصدر قبل أن يسقط الإيجاب في حالة إقترانه بالمدة .
فأي إختلاف بين الإيجاب والقبول لا ينعقد العقد .
حالات سقوط الإيجاب
- حالة ما إذا رفضه من وجه إليه .
- حالة ما إذا كان الإيجاب مقترنا بمدة معينة ولم يصدر قبول من الطرف الأخر .
- حالة عدول الموجب عن إيجابه .
إقتران الإيجاب بالقبول
لإنعقاد العقد يجب تطابق إرادتين المتعاقدين وذلك بتطابق الإيجاب والقبول سواء بحضور المتعاقدين في مجلس العقد أو بغيابهم .
أ ) التعاقد بين حاضرين في مجلس العقد
هو التعاقد على شيء ما في مكان وزمان واحد وبحضور الأطراف المعنية بالعقد في نفس المكان والزمان . ويسمى بالعقد الحقيقي
أما التعاقد على شيء ما في مكان مختلف وزمان واحد يسمى بالعقد الحكمي .
مـــثــال 1 : محمد يعرض بيع هاتف لسمير ، ( هذا هو الإيجاب ) ، سمير يقبل بشراء هذا الهاتف ( هذا هو القبول ) مع اتحاد الزمان والمكان ( هذا هو التعاقد في مجلس العقد بين حاضرين ) . ـــــــــــــــــ⇇العقد الحقيقي .
مـــثــال 2 : محمد يعرض بيع هاتف لسمير عن طريق الإتصال به ( هذا هو الإيجاب ) وسمير يوافق على شرائه ( هذا هو القبول ) رغم اختلاف المكان واتحاد في الزمان ( الزمان عنصر مهم في التعاقد بين حاضرين ) . ــــــــــ⇇ العقد الحكمي .
ب ) التعاقدين بين غائبين
هو التعاقد في زمان ومكان مختلف (وجود فاصل زمني بين صدور الإيحاب والقبول ) .
مــثـال : كريم يريد بيع منزله فيرسل رسالة الإيجاب إلى منير المتواجد في فرنسا ، فالرسالة تستغرق وقتا للوصول إليه ، كما يرسل منير رسالة قبول للموجب ( كريم ) وتستغرق أيضا وقت للوصول إليه .
أثر الموت وفقدان الأهلية في الإيجاب والقبول
أ ) في حالة موت أو فقدان أهلية الموجب
- يبقى الإيجاب قائما في حالة ما إذا وصل إلى الموجب إليه وتم القبول وأنتج أثاره ، لأن الورثة تحل محل الموجب في العلم بالقبول في حالة وفاته أو فقدان أهليته ما لم يكون الموجب محل إعتبار .
ب ) في حالة موت أو فقدان أهلية القابل
- إذا عبر الموجب عن إرادته ومات القابل قبل العلم بهدا الإيجاب أو فقد أهليته فإن الإيجاب يسقط ولا يحق لورثة القابل حلول محله في القبول .
( الموجب هو الشخص الذي يقدم الإيجاب ، العرض )
( القابل هو الشخص الذي وجه إليه الإيجاب ويسمى كذلك بالموجب إليه )
2 ) المحل
سنتطرق إلى معرفة معنى المحل وشروط صحته .
تعريف المحل
محل العقد هو الإلتزام الذي يترتب عليه العقد ، فقد يكون القيام بعمل ما أو الإمتناع عن أداء عمل ما أو بإعطاء شيء ما .
شروط المحل
- أن يكون المحل موجودا عند إبرام العقد أو ممكن الوجود في المستقبل لأن إمكانية وجود وتحقيق المحل مستقبلا ينشئ العقد .
أما إنعدام المحل أو هلاكه يبطل العقد بطلانا مطلق .
نصت المادة 92 فقرة 1 من القانون المدني على أنه : " يجوز أن يكون محل الإلتزام شيئا مستقبلا ومحققا " .
- أن يكون المحل معينا بذاته أو قابل للتعيين ، سواء بالنوع أو بالمقدار ليعلم المتعاقدان بمواصفاته ، ولتمييزه عن غيره من الأشياء الأخرى .
نصت المادة 94 من نفس القانون على أنه " إذا لم يكن محل الالتزام معينا بذاته ، وجب أن يكون معينا بنوعه ومقداره وإلا كان العقد باطلا .
ويكفي أن يكون المحل معينا بنوعه فقط إذا تضمن العقد ما يستطاع به تعيين مقداره ، وإذا لم يتفق المتعاقدان على درجة الشيء من حيث جودته ولم يمكن تبين ذلك من العرف أو من أي طرف أخر ، إلتزم المدين بتسلم شيء من صنف متوسط " .
- أن كون المحل مشروعا وإلا بطل العقد بطلانا مطلق .
نصت المادة 93 على أنه " إذا كان محل الالتزام مستحيلا في ذاته أو مخالف لنظام العام و الأداب العامة كان باطلا بطلانا مطلق " .
3 ) السبب
سنتطرق إلى معرفة معنى السبب وشروط صحة هذا الركن .
تعريف السبب
السبب هو الدافع إلى إبرام العقد ( الهدف ، الباعث ) وهو ركن جوهري لا ينعقد العقد بدونه .
شروط السبب
- وجود السبب : وهو الغاية لتي دفعت المتعاقدين إلى ابرام العقد .
- مشروعية السبب : يجب أن يكون الباعث إلى التعاقد مشروعا لايخالف النظام العام والأداب العامة .
تعليقات
إرسال تعليق