الأهلية - أنواعها ، عوارضها ، موانعها -
تعريف الأهلية : هي جدارة الإنسان وقدرته وكفايته في ممارسة أعمال قانونية في نطاق ما يحددها هذا الأخير ، فالأهلية هي صلاحية الشخص لمباشرة أعماله وتصرفاته القانونية .
إن الأهلية ينظمها قانون المدني وقانون الأحوال الشخصية . وهي نوعان :
أهلية الوجوب وأهلية الأداء .
فأهلية الوجو ب هي : " صلاحية الشخص لإكتساب الحقوق وتحمل الإلتزامات ، وتثبت له بمجرد ميلاده إلى غاية وفاته ، وعليه فإن أهلية الوجوب ترتبط بالشخصية القانونية ويكون محل إعتبار بموجب القانون .
أما أهلية الأداء ( وهي محل هذا الموضوع ) فهي : " صلاحية الشخص بالقيام بالتصرفات القانونية بنفسه أو بالنيابة عنه ، وعلية فإن أهلية الأداء مناطها التمييز و الإدراك ، بمعنى يكون الإنسان على دراية تامة بالتصرفات التي يقوم بها ويمييز بين التصرفات الضارة والتصرفات النافعة .
- عديم الأهلية من 0 إلى 13 سنة .
- ناقص الأهلية من 13 سنة إلى 19 سنة .
- كامل الأهلية من 19 سنة وما فوق . " .
في حالة ما إذا كان الشخص ناقص الأهلية أو منعدم الأهلية لأسباب معينه فإنه يتمتع فقط بأهلية الوجوب ، فيكون صاحب الحق دون قدرته على التصرف في هذا الحق إما كليا أو جزئيا .
عوارض أهلية الأداء
هي : أمور تعتري كامل الأهلية فتؤثر فيها سواء بإنعدامها أو إنقاصها .
أولا : العوارض المعدمة للأهلية
وتتمثل في : العته والجنون ، وهي عوارض تصيب الشخص وتذهب عنه إدراكه وتتمييزه ، فإذا أصب الشخص بجنون أو عته فإن أهليته لا تكتمل حتى ولو لم يصدر الحكم بشأن ذلك .
نصت المادة 42 من القانون المدني الجزائري أنه " لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز لصغر في السن ، أو عته ، أو جنون .
يعتبر غير مميز من لم يبلغ ثلاث عشرة سنة ."
1) الجنون
هي حالة مرضية تصيب الشخص في عقله وتجعله غير قادر على الإدراك والتمييز بين النفع والضرر .
2) العته
هو خلل يصيب الشخص في عقله دون الوصول إلى درجة الجنون ، فيصبح شخص مختلط الكلام قليل الفهم .
حكم تصرفات الشخص المنعدم للأهلية
حسب ما تم ذكره في المادة السابقة فإن الشخص المجنون أو المعتوه تنعدم أهليتهم ، مما يؤدي إلى الحجر عليهم بحكم المحكمة ، وهذا ما نصت عليه المادة 101 من تقنين الأسرة الجزائري " من بلغ سن الرشد وهو مجنون أو معتوه ، أو طرأت عليه إحدى الحالات المذكورة بعد رشده يحجر عليه . "
و الحجر هو " منع المحجور عليه من التصرف في أمواله بحكم قضائي صادر من المحكمة ، يطلبه أحد الأقارب أو من له المصلحة في ذلك أو من طرف النيابة العامة . ولا يرفع إلا بحكم قضائي . "
- يكون الحجر بناء على طلب أحد الأقارب أو من له المصلحة أو من النيابة العامة .
- وعليه كل التصرفات التي قام بها المحجور عليه قبل الحكم عليه بالحجر تكون صحيحة رغم إنعدام التمييز لديه ، وذلك من أجل إستقرار المعاملات . ولكن إذا كانت ظاهرة الجنون أو العته فاشية لدى الشخص فإن تصرفاته باطلة .
- إذا تم الحجر على الشخص وقام بتصرف ما فإن تصرفاته باطلة .
ثانيا : العوارض المنقصة للأهلية
وتتمثل في : السفه والغفلة ، وهي عوارض تصيب الشخص في تدبيره وتفسده ، كما تجعله في حكم الصبي المميز وتنص المادة 43 من القانون المدني الجزائري على أنه : " كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد ، وكل من بلغ سن الرشد وكان سفيها أو ذا غفلة ، يكون ناقص الأهلية وفقا لما يقرره القانون . " (عاهة تصيب الشخص في نفسه لا في عقله )
1) السفه
هي حالة تصيب الشخص وتجعله يبذر أمواله في غير ما يقضي به العقل والدين .
2) الغفلة
هي نقص في الملكات النفسية للشخص ويجعله يسوء التقدير ويقوم بتصرفات دون أن يدرك مدى خسارتها أو ربحها ، فيغبن في تصرفاته غبنا فاحشا .
حكم تصرفات الشخص ناقص الأهلية
- يكون الحجر بناء على طلب أحد الأقارب أو من له المصلحة أو من النيابة العامة .
- قبل توقيع الحجر على السفيه وذي الغفلة تعتبر جميع تصرفاته صحيحة وبعد الحجر عليه تكون باطلة ، طبقا لنص المادة 107 من تقنين الأسرة الجزائري : " تعتبرتصرفات المحجور عليه بعد الحكم باطلة وقبل الحكم إذا كانت أسباب الحجر ظاهرة وفاشية وقت صدورها . "
- بعد توقيع الحجر على السفيه وذي الغفلة ، فإن تصرفاتهما تأخد حكم تصرفات الصبي المميز فتقع تصرفاتهما صحيحة إذا كانت نافعة له نفعا محضا / باطلة بطلان مطلقا إذا كانت ضارة ضررا محضا / قابلة للإبطال لصالح ناقص الأهلية إذا كانت دائرة بين النفع والضرر .
موانع أهلية الأداء
قد يكون الشخص بالغا سن 19 سنة كاملة دون أن يصيب بأي عارض ينقص أو يعدم أهليته يحول بينه وبين تصرفاته القانونية ، لكن قد يعرض لمانع معين على حسب الظروف يمنعه من مباشرة تصرفاته القانونية ، وهذا ما يسمى بموانع الأهلية ، وهي ثلاث : المانع المادي ، المانع الطبيعي ، المانع القانوني .
أولا : المانع المادي
يعرف المانع المادي على أنه " غياب الشخص ، بحيث لا يستطيع مزاولة تصرفاته القانونية مما يؤدي إلى تعطيل مصالحه وإلحاق الضرر به . فعنصر الغياب هوالمانع والعائق المادي الذي يحول دون مباشرة الشخص لتصرفاته القانونية . "
شروط المانع المادي
1- كمال أهلية الغائب : يجب أن يكون الشخص كامل الأهلية ، بالغا ، عاقلا ، غير محجور عليه ، لأن من له نقص في أهليته أو عدمها من الأساس يمنع من مباشرة تصرفاته القانونية وبتالي فإن الممثل القانوني أو وصي أو قيم هو من يقوم بذلك .
2- غياب الشخص : استمرار فترة الغياب لمدة معينة ( سنه أو أكثر ) كي يكون الشخص غائبا قانونيا .
3- تعطيل مصالح الغائب : في حالة غياب الشخص لمدة سنة أو أكثر فإن كل مصالحه تكون معطلة نتيجة هذا الغياب مما يؤدي إلى إستحالة تولي شؤونه بنفسه .
في حالة إجتماع هذه الشروط تعين المحكمة وكيلا عن الغائب بناء على طلب من ذي المصلحة ، كما ينتهي المانع المادي بزوال سبب الغياب سواء برجوع الشخص أو وفاته أو الحكم عليه بالموت غيابيا .
ثانيا : المانع الطبيعي
وهو إصابة الشخص في جسمه مما يحعله غير قادر على القيام بتصرفاته القانونية بنفسه ، كإصابة حواسه ، فإذا ما إجتمعت في الشخص عاهتين على الأقل كانت تصرفاته موقوفة إلى حين تعيين المحكمة مساعد قضائي يساعده في مباشرة تصرفاته القانونية .
( كأن يكون أصم أبكم ، أو أبكم أعمى ، أو أعمى أصم ).
نصت المادة 80 فقرة 1 من القانون المدني الجزائري على أنه : " إذا كان الشخص أصم أبكم ، أو أعمى أصم ، أو أعمى أبكم وتعذر عليه بسبب تلك العاهة التعبير عن إرادته ، جاز للمحكمة أن تعين له مساعدا قضائيا يعاونه في التصرفات التي تقتضيها مصلحته " .
- يتم تعيين مساعد قضائي بطلب من صاحب العاهة أو من ذي مصلحة .
- إذا كان الشخص مصاب بعاهة واحدة فقط أي دون أن تجتمع عاهتين أو كان مصاب بمرض أخرغير مرض الحواس فإن هذا لا يعتبر مانع للأهلية .
- تكمن مهمة المساعد القضائي في معاونة المصاب لإجراء تصرفاته القانونية ، فلا ينفرد وحده للقيام بها بل يجب أن يشترك مع المصاب في إجرائها .
- تكون التصرفات التي أجرها ذي العاهة المزدوجة صحيحة قبل تعيين الممساعد القضائي .
- وتكون التصرفات التي يجرها ذي العاهة المزدوجة بعد تعيين المساعد القضائي قابلة للإبطال لصالحه في حالة ما تم القيام بها دون حضور المساعد القضائي المعين من قبل المحكمة ، وهذا ما نصت عليه المادة 80 فقرة 2 من القانون السابق الذكر : " ويكون قابلا للإبطال كل تصرف عين من أجله مساعد قضائي إذا صدر من الشخص الذي تقررت مساعدته بدون حضور المساعد بعد تسجيل قرار المساعدة . "
ثالثا : المانع القانوني
هو المانع المحدد من المشرع وهو حالتين :
حالة الحكم بالعقوبة الجنائية وحالة الحكم بالإفلاس
1 ) الحكم بالعقوبة الجنائية
العقوبة الجنائية هي تلك العقوبات الصادرة من المحكمة الجنائية ضد مرتكبي الجرائم المكيفة على أنها جناية .
- تكون العقوبات الأصلية إحدى هده العقوبات : الإعدام ، السجن المؤبد ، السجن المؤقت لمدة 5 سنوات إلى 20 سنة ، طبقا لنص المادة 5 من قانون العقوبات الجزائري .
وهناك عقوبات تكملية وتتمثل في منع المحكوم ضده من مباشرة حقوقه المالية والسياسية طبقا لنص المادة 9 من نفس القانون ، وهي الحجر القانون بأمر من المحكمة .
- تسري العقوبات التكميلية خلال فترة تواجد المحكوم عليه في السجن وتزول بزوال المانع كخروجه من السجن .
- كل التصرفات التي يقوم بها المحكوم عليه بعد إصدار الحكم تكون باطلة بطلانا مطلقا ، ويقوم المحكوم عليه بإختيار قيم تقرره المحكمة لإدارة أمواله .
- ينقضي الحجر القانون بإنقضاء مدة السجن ، أو الإفراج عليه أو العفو عنه ، ويترتب على ذلك استراد المحكوم عليه كامل سلطاته في التصرف بأمواله .
2 ) الحكم بشهر الإفلاس
شهر الإفلاس هوجزاء يلحق التاجر الذي توقف عن دفع ديونه ، مما يؤدي إلى حرمانه من إدارة أموالة طيلة فترة الإفلاس ، طبقا لنص المادة 244 من قانون تجاري جزائري .
فيتم تعيين إجباريا وكيل التفليسة ليتولى إدارة أموال التاجر المفلس إبتداء من يوم الحكم بالإفلاس .
لذا فكل تصرف يقوم به التاجر خلال هذه المدة تبطل بقوة القانون .
تعليقات
إرسال تعليق