نطاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكان

القائمة الرئيسية

الصفحات

نطاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكان

نطاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكان 



نظرا لتقدم وسائل المواصلات وإزدهار التجارة بمختلف أنواعها ، فإن الأفراد أصبحوا ينتقلون من دولة إلى أخرى من أجل ممارسة نشاطاتهم المختلفة ، بحيث يوجد على إقليم الدولة الأجانب من مواطني الدول الأخرى بجانب مواطنيها ، كما يوجد مواطنها على أقاليم غيرها من الدول . مما أدى إلى تساؤل عن قانون الدولة الواجب تطبيقه على جميع الأشخاص الموجودين في إقليم الدولة مهما إختلفت جنسياتهم ؟ أم تطبيق قانون الدولة على مواطنيها أينما حلوا .؟



مبدأ إقليمية القوانين ومبدأ شخصية القوانين



ولتحديد نطاق تطبيق القانون من حيث المكان يتم وفقا أحد المبدأين التاليين 

1) مبدأ إقليمية القوانين 


ويقصد به " سريان القاعدة القانونية داخل حدود إقليم الدولة ، ويسري على جميع الأشخاص المقيمين فيه سواء مواطنين أم أجانب ، ولا يطبق القانون على ما يقع خارج حدود هذا الإقليم حتى ولو تعلق الأمر بمواطنيها ويقوم هذا المبدأ على السيادة التامة لدولة على إقليمها ، فلها يمقتضى هذه السيادة فرض النظام الذي تريده على كل المتواجدين على إقليمها . "( فالإقليم هو أحد أركان الدولة ومكان تواجدها .)

2) مبدأ شخصية القوانين 


يقصد به " سريان القاعدة القانونية على كل الأشخاص المنتمين إلى الدولة ، فكل من يحمل جنسية الدولة يخضع لقانون تلك الدولة ، سواء كانوا موجودين على إقليمها أم كانوا مقمين في الخارج ، و أساس هذا المبدأ هو أن الدولة سيدة على رعاياها ، فهي تطبق عليهم قوانينها أينما حلوا ."
وعــليه إذا قلنا أن القانون الجزائري إقليمي التطبيق فإن قواعده تطبق على جميع الأشخاص المتواجدين في إقليمها فقط سواء أجانب أو مواطنها . أما إذا قلنا أن القانون الجزائري شخصي التطبيق فإن قواعده تطبق على جميع مواطنيها المتواجدين داخل وخارج إقليمها فقط دون الأجانب .

مبدأ الإقليمية هو الأصل ومبدأ الشخصية هو الإستثناء 

- لوأخذنا بمبدأ إقليمية القانون لما وجد تنازع القوانين بين الدول ، لأن كل دولة ستطبق قانونها على كل المتواجدين داخل إقليمها دون استثناء .
- ولو أخذنا بمبدأ شخصية القانون لإنتهز الأجانب فرصة مخالفة النظام العام في الدولة التي يقيمون فيها .

وعليه فإنه قد تم الأخذ بالمبدأين معا في نطاق معين مما أدى إلى نشوء تنازع القوانين بين الدول .
و بما أن الدولة لا تملك السلطة و السيادة إلا في  إقليمها الداخلي فإن مبدأ الإقليمية هو الأصل و مبدأ الشخصية هو الإستثناء .

 القانون الجزائري أخذ بمبدأ اقليمية القوانين كالأصل 

طبقا لنص المادة 3 - فقرة1- من قانون العقوبات فإنه :" يطبق قانون العقوبات على كاافة الجرائرم التي ترتكب في أراضي الجمهورية ."

⇇ وعليه فإن قانون العقوبات يطبق على كل الأشخاص المقمين في الدولة سواء مواطنين أو أجانب  ، لأن  قانون العقوبات يشمل كل الجرائم التي تقع على الأشخاص والأموال المتواجدة داخل الدولة ، فكل دولة لها الحق و السيادة في تأمين الحقوق اللازمة للأفراد والمجتمع من أجل الحماية .
- كما أن موقع الجريمة هو المكان الأنسب لمحاكمة المتهم  ، نظرا للأدلة  والإثباتات الموجودة فيه .

 ونجد المادة 4 - فقرة1- من القانون المدني الجزائري تدعم هذه المادة بحيث تنص على أنه:" تطبق القوانين في التراب الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية إبتداءا من يوم نشرها في الجريدة الرسمية ."

بالإضافة إلى أن القانون المدني يشير إلى مبدأ إقليمية القوانين في كل ما يتعلق بالتصرفات و العلاقات التي تشمل على العنصر أجنبي ، كالتصرفات الواقعة على عقار متواجد داخل إقليم الجزائر، وكذا إبرام العقد داخل البلد .

الإستثناءات الواردة على مبدأ إقليمية القانون الجزائري 

هناك عدة استثناءات يأخذ المشرع الجزائري بمبدأ شخصية القانون بدل الأخذ بمبدأ إقليمية القانون وتكمن هذه الإستثناءات في مايلي :  

1) في مجال الحقوق والواجبات العامة  

فإن القانون الجزائري في هذا المجال أخذ بمبدأ شخصية القوانين ، بحيث ارتبط بعض الحقوق والواجبات بجنسية الشخص كحق الإنتخاب ، وواجب الخدمة الوطنية ، فمثل هذه الحقوق والواجبات تقتصر فقط على المواطنين أينما حلوا ولا تطبق أحكام القانون الجزائري في هذا الخصوص على الأجانب حتى ولو كانوا مقمين في إقليمها .

2) في مجال تطبيق قواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص 

- عالج التقنين المدني الجزائري مسألة تنازع التشريعات من حيث المكان ( أو ما يسمى بقواعد الإسناد ) في المواد من 9 إلى 24 منه . فهذه القواعد هي التي تتكفل ببيان القانون الواجب التطبيق غلى العلاقات ذات عنصر أجنبي .

- فالمسائل التي تخص الحالة المدنية و الأهلية يطبق القانون الجزائري على الجزائريين آينما وجدوا طبقا للمادة 10 من القانون السابق الذكر ، كما يطبق القانون الأجنبي في هذه المسائل على الأجانب المقمين بالجزائر ، كحالة زواج أجنبيان في الجزائر ، وهذا طبقا لنص المادة 11 من نفس القانون .

- وتجدر الإشارة أنه يجب أن لا يخالف القانون الأجنبي النظام العام و الآداب العامة في الجزائر ، وهذا ما نصت عليه المادة 24 من نفس القانون .

3) في مجال تطبيق أحكام تقنين العقوبات 

الأصل في تقنين العقوبات تطبيق مبدأ إقليمية القوانين حسب المادة 3-فقرة1- السالفة الذكر ، غير أنه يمكن للدولة الجزائرية إعطاء حق توقيع العقاب على المجرمين  الذين يرتكبون جرائم خارج إقليم الدولة الجزائرية ، وهذا حسب نص المادة 3-فقرة2- من التقنين العقوبات التي تقرر " تطبيق قانون العقوبات على الجرائم التي ترتكب في الخارج إذا كانت تدخل في إختصاص المحاكم الجزائية الجزائرية طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية ."

- فيطبق قانون العقوبات تارة تطبيقا إقليميا كما ذكرنا سابقا ( المادة 3 فقرة 1 من قانون العقوبات ) (الأصل) وتارة أخرى يطبق تطبيقا شخصيا أو تطبيقا عينيا (إستثناءا).

أ) التطبييق الشخصي لتقنين العقوبات : وهو تطبيق قانون العقوبات على كل من يحمل الجنسية الجزائرية حتى ولو إرتكب الجريمة خارج إقليمها وذلك في حالتين :

الحالة الأولى : ارتكب مواطن جزائري فعل يعتبر جريمة وفقا للقانون الجزائري وقانون البلد الذي وقع فيه الفعل ، فإذاعاد إلى دولته هربا من العقاب فإن القانون الجزائري يعاقبه على الفعل وهذا لمنع فرار المجرم من العقاب .

مثـــــال : إرتكب جزائري جريمة قتل في فرنسا وبعدها فرهاربا من العقاب ورجع الى الجزائر فإن قانون العقوبات الجزائري يعاقبه على الجريمة .

الحالة الثانية : الجرائم التي يرتكبها روؤساء الدولة والوزراء عند مزاولة نشاطهم في بلد آخر يعاقبون عليها وفقا لقانون الدولة التي ينتمون إليها ، لأن عند ممارسة مهامهم يتمتعون بحصانة قضائية من أجل توفير الجو والحرية اللازمة لأداء مهمتهم براحة .

ب) التطبيق العيني لتقنين العقوبات : وهو سريان أحكام تقنين العقوبات الجزائري على كل من يرتكب جريمة في الخارج تمس بأمن وسلامة الدولة الجزائرية مهما كانت جنسية المجرم .
مثــــــال : تزييف العملة النقدية الجزائرية من طرف ألماني في فرنسا ، هنا يطبق القانون الجزائري على المجرم الألماني رغم أنه إرتكب الجريمة خارج اقليم الدولة الجزائرية ورغم أنه لا يحمل الجنسية الجزائرية ، ولكن إجرامه مس بثقة العملة الوطنية الجزائرية .

الفرق بين مبدأ إقليمية القوانين ومبدأ شخصية القوانين ومبدأ العيني لقانون العقوبات 
إقليمية القوانين: يطبق القانون الجزائري على كل المواطنين و الأجانب المقيمين في الجزائر . أما شخصية القوانين يطبق القانون الجزائري على كل من يحمل الجنسية الجزائرية آينما وجد . أما عينية القانون العقوبات فيطبق على كل من يرتكب جريمة تمس بأمن وسلامة الدولة الجزائرية مهما كانت جنسيته ."


Réactions :

تعليقات