بداية ونهاية الشخصية القانونية للشخص الطبيعي
ذكرنا سابقا أن القانون هو مجموعة من القواعد التي تنظم علاقات الأفراد في المجتمع بهدف إقامة نظام إجتماعي معين ، مصحوبة بجزاء في حالة مخالفتها وعدم احترامها .
فالقانون وضع لحماية الشخص من كل الإعتداء التي قد يطرأ عليه في حياته ، إذ بين له الحقوق التي يتمتع بها والواجبات التي يجب ممارستها في ظل القانون . وعلية فإن الشخص يتمتع بالشخصية القانونية بمجرد ميلاده إلى غاية وفاته .
1 ) تعريف الشخص الطبيعي : الشخص الطبيعي هو الإنسان بحد ذاته ، إذ هو كائن حي يختلف عن الكائنات الحية الأخرى المعروفة كالحيوانات والنباتات بالعقل .
2 ) تعريف الشخصية القانونية : هي صلاحيات الشخص لإكتساب الحقوق وتحمل الإلتزامات ، فكل شخص له حقوق وعليه واجبات ، حتى المجنون وغير المميز لهما الشخصية القانونية رغم إنعدام الإدراك والإرادة .
أولا : بداية الشخصية القانونية للشخص الطبيعي
تبدأ الشخصية القانونية للشخص الطبيعي بمجرد ميلاده حيا إلى يوم وفاته ، وهذا ما نصت عليه المادة 25 فقرة 1 من القانون المدني الجزائري : " تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حيا وتنتهي بموته " .
وعليه فإن الشخصية القانونية تثبت للشخص الحي مهما كان جنسه ولونه وعرقه ودينه ... دون إستثاء ، فحتى عديمي الادراك والارادة تثبت لهم .
- إن ثبوت الشخصية القانونية لكل واحد منا لا يعني بالضرورة المساواة في الحقوق والواجبات لأن هذه الصلاحيات تختلف من شخص لأخر على حسب عمره وجنسه وعمله وغيره ....
- إن الشخصية القانونية تثبت للجنين من يوم بداية تكوينه في رحم أمه ، غير أنه تكون شخصية إحتمالية لعدم معرفتنا بمدى إستمرار هذا الحمل ، ففي حالة ميلاد هذا الجنين حي فإنه يكتسب الشخصية القانونية من الدقيقة الأولى وتصبح شخصيته يقينية ، وفي حالة عدم إستمرار الحمل أو ولادته ميتا فإنه تسقط عليه هذه الصلاحية .
حالة ولادة الجنين حيا
يكتسب الجنين الحي الحقوق التالية على سبيل المثال وفقا لتقنين الأسرة الجزائري :
- حقه في الحياة .
- حقه في إثبات النسب .
- حقه في الإرث .
- حقه في الوصية .
- حقه في الهبة . وغيرها من الحقوق .
إن هذه الصلاحيات لا تقتصر فقط على الحقوق وإنما تشمل أيضا إلتزامات مختلفة كما ذكرنا سابقا .
حالة ولادة الجنين ميتا
إن وفاة الجنين في رحم أمه أو وفاته أثناء عملية الولادة تسقط عنه الشخصية القانونية وتعود تلك الحقوق إلى الوراثة .
شروط إثبات الشخصية القانونية للشخص الطبيعي
لإثبات الشخصية القانونية للإنسان يجب توافر شرطين وهما
تمام ولادته : ويعني ذلك إنفصاله عن أمه إنفصالا تام .
ولادته حي : يجب أن يولد حي حتى ولو للحظة واحدة ، لأن العبرة تكمن في ميلاده حيا حتي تثبت له الشخصية القانونية ، هكذا تصبح شخصيته يقينيا بعدما كانت احتمالية .
المادة 25 فقرة 2 من القانون المدني السابق الذكر : " ... يتمتع الجنين بالحقوق التي يحددها القانون بشرط أن يولد حيا . "
فيرث إذا مات الموروث قبل ولادته ، وفي حالة موت هذا الجنين بعد أن ولد حيا فإن حقه في الميراث يتنقل إلى وراثته هو لا إلى وراثة موروثه .
- في حالة ما إذا تم ولادته ميتا فإن الشخصية القانونية تعد كأنها لم تكون يوما .
طبقا لنص المادة 26 من نفس القانون فإنه " تثبت الولادة والوفاة بالسجلات المعدة لذلك ، وإذا لم يوجد هذا الدليل ، أو تبين عدم صحة ما أدرج بالسجلات ، يجوز الإثبات بأية طريقة حسب الإجراءات التي ينص عليها قانون الحالة المدنية " .
مميزات الشخصية القانونية
كل شخص له مميزات تمييزه عن شخص أخر وتتمثل في :
الإسم : يطلق على كل شخص لتمييزه عن شخص أخر ويتكون من إسم أسرته أو ما يعرف باللقب وكذا الاسم الشخصي .وهذا ما نصت عليه المادة 28 من القا الم الج : " يجب أن يكون لكل شخص لقب وإسم فأكثر ولقب الشخص يلحق أولاده .
يجب أن تكون الأسماء جزائرية وقد يكون خلاف ذلك بالنسبة للأطفال المولودين من أبوين غير مسلمين . "
الموطن : هو المقام الرئيسي للشخص ، أين يتواجد سكنه ، وهذا ما بينته المادة 36 من القا الم الج " موطن كل جزائري هو المحل الذي يوجد فيه سكناه الرئيسي ، وعند عدم وجود سكني يقوم محل الإقامة العادي مقام الموطن .
ولا يجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن واحد في نفس الوقت . "
فالموطن الذي يسكن فيه الشخص ويمارسه علاقاته ونشاطه فيه بوجه عام يسمى بالموطن العام ، أما في حالة ممارسة نشاطه في مكان أخر بعيدا عن سكنه كعمل تجاري يسمى بموطن خاص . وهذا ما أشارت إليه المادة 37 من القا الم الج : " يعتبر المكان الذي يمارس فيه الشخص تجارة أو حرفة موطنا خاصا بالنسبة إلى المعاملات المتعلقة بهذه التجارة أو المهنة ".
وهناك موطن أخر يسمى بالموطن المختار لأن الشخص هو الذي يختاره لتنفيذ تصرف قانوني ويتم إثباته كتابيا حسب المادة 39 من القا الم الج " يجوز اختيار موطن خاص لتنفيذ تصرف قانوني معين
يجب إثبات اختيار الموطن كتابة .
الموطن المختار لتنفيذ تصرف قانوني يعد موطنا بالنسبة إلى كل ما يتعلق بهذا التصرف بما في ذلك إجراءات التنفيذ الجبري ما لم يشترط صراحة هذا الموطن على تصرفات معينة . "
الذمة المالية : هي تلك الحقوق المالية التي يتمتع بها الشخص وكذا الالتزامات المالية التي تقع على عاتقه .
الحالة : هي الصفات التي تثبت للشخص فتبين مركزه فتثبت له الحقوق وترتب عليه إلتزامات في حدود مايمليه القانون ، وتتمثل هذه الصفات في
- الجنسية : هي رابطة بين الشخص والدولة ، وبها تحدد الحالة السياسية للشخص .
قد تكون الجنسية أصلية تثبت للإنسان عند ميلاده على أساس النسب ، وهو ما يسمى حق الدم فيأخذ إما جنسية أبيه أو أمه . وقد تكون الجنسية مكتسبة في حالة ميلاده في إقليم معين أو بتوافر شروط إكتساب الجنسية المنصوص عليها في قانون الجنسية الجزائرية ، هذا ما أشارت إليه المادة 30 من القا الم الج " ينظم الجنسية الجزائرية قانون الجنسية الخاص بها . "
- الأسرة : تحدد الحالة العائلية للشخص على حسب مركزه في أسرة معينة و الأسرة هي مجموعة من الأفراد تربطهم علاقة القرابة .
نصت المادة 32 من القا الم الج على أنه " تتكون أسرة الشخص من ذوي قرباه ويعتبر من ذوي القربى كل من يجمعهم أصل واحد ."
وعليه فإن رابط القرابة التي تربط الفرد بأسرته تكون إما على أساس رابطة النسب ( قرابة النسب ) أو على أساس رابط المصاهرة ( قرابة المصاهرة ) .
- قرابة النسب : تعني ارتباط الفرد بأسرته على أساس الدم فيجمعهم أصل واحد ، وهذا ما تم ذكره في المادة 32 من القانون السابق .
كما أن قرابة النسب نوعان وهما
- القرابة المباشرة : هي الصلة التي تجمع الأصول والفروع .
فالأصول هم الأباء وإن صعدوا والفروع هم الأبناء وإن نزلوا .
وهذا ما نصت عليه المادة 33 فقرة 1 من القا الم الج : " القرابة المباشرة هي الصلة ما بين الأصول والفروع . "
2 . قرابة الحواشي : هي الصلة التي تجمع بين الأشخاص كونهم ينتمون إلى أصل واحد دون أن يكون أحدهما فرع لأخر مثل : الأخوة .
وهذا ما تطرقت إليه المادة 33 فقرة 2 من نفس القانون : " وقرابة الحواشي هي الرابطة ما بين الأشخاص يجمعهم أصل واحد دون أن يكون أحدهم فرعا لأخر . "
- قرابة المصاهرة : هي الصلة والرابطة التي تنشأ بين أقرباء الزوجين . تنشأ هذه القرابة عن طريق الزواج بين عائلتين ، وهذا ما ورد في المادة 35 من نفس القانون :" يعتبر أقارب أحد الزوجين في نفس القرابة والدرجة بالنسبة إلى الزوج الأخر . "
ثانيا : نهاية الشخصية القانونية للشخص الطبيعي
نصت المادة 25 من القانون المدني الجزائري والسابقة الذكر أن الشخصية القانونية تنتهي للشخص بمجرد وفاته . وهناك طريقتين لهذه النهاية ، فإما وفاة الشخص طبيعيا أو وفاته حكميا .
وعليه سنتطرق إلى شرح معنى الوفاة الطبيعي والوفاة الحكمي كل على حدى .
1 ) الوفاة الطبيعي
هي توقف جسد الشخص عن مزاولة نشاطها من أكل وشرب وحركة وبتالي خروج الروح من الجسد وانتقاله من حياة الدنيا إلى حياة أخرى ، حياة الخلود . مما يجعل هذا الشخص غير صالح لإكتساب الحقوق و تحمل الإلتزامات ، فتسقط منه الشخصية القانونية .
- يتم إثبات واقعة الوفاة الطبيعي عن طريق تقديم شهادة طبية من طرف الطبيب المختص ، تبين وفاة الشخص بطريقة طبيعية (حلول أجله ) . وتسلم نسخة من هذه الشهادة إلى ضابط مصلحة الحالة المدنية لشطبه من دفتر العائلة وإعداد شهادة الوفاة .
المادة 26 من القا الم الج : " تثبت الولادة والوفاة بالسجلات المعدة لذلك . "
- في حالة ما إذا تبين أن الوفاة كانت بسبب فعل الفاعل يتم إخبار الضبطية القضائية لفتح تحقيق حول أسباب وطريقة وفاة الشخص ، ولا يدفن إلا بعد الحصول على ترخيص من ضابط الشرطة القضائية .
2 ) الوفاة الحكمي
في حالة فقدان الشخص وعدم بيانه لمدة طويلة ودرجة إحتمال وفاته أكبر من درجة إحتمال عيشه يحكم القاضي بوفاته رغم عدم التيقن من موته .
- يجب التمييز بين الشخص الغائب والشخص المفقود : فالشخص الغائب هو ذلك الإنسان الذي يغيير إقامته لمدة أطول مع اليقين بحياته ، كالمسجون لمدة 30 سنه أو الشخص الذي يسافر للعمل في دولة أخرى ... فهذا الغائب تستمر شخصيته القانونية مادام أنه حي ، لكن يعين القاضي شخص أخر ليسير شؤونه طيلة فترة غيابه .
أما المفقود فهو الذي انقطعت أخباره لمدة طويلة لأسباب عديدة كحدوث زلزال ، فيضانات ، حروب ... فلا يعرف إن كان حيا أو مييتا .
مما يجعل أحد الوراثة أو من له المصلحة يطلب من المحكمة لاصدار الحكم بوفات المفقود. وهذا ما ذكرته المادة 114 من قانون الاسرة الجزائري .
إذا مرت أربعة سنوات دون ظهور أي خبر على المفقود وكانت هناك حروب أو حالات إستثنائية يصدر الحكم بوفاته ، أما إذا كان هناك أمن وسلام في البلاد ومرت أربعة سنوات دون خبر على المفقود فإن للقاضي السلطة التقديرية في تقدير المدة المناسبة للحكم بالوفاة . ( المادة 113 من قا الا الج ) .
الأثار المترتبة عن الحكم بالوفاة
- بالنسبة لأمواله : توزع أموال المفقود بعد الحكم عليه بالوفاة بين الوراثة .
في حالة ظهوره يسترجع ما تبقى من أمواله أو قيمته.
- بالنسبة لزوجته : تعتد لمدة أربعة أشهر وعشرة أيام وبعدها يمكنها الزواج بغيره .
في حالة ظهور الزوج الأول قبل دخول الزوج الثاني فإن الزوجة يمكنها الرجوع لزوجها الأول ( المفقود ) أما في حالة ظهوره بعد الدخول فإنها تبقى في عصمة الزوج الثاني ما دام أنه حسن النية ولا يعلم بحياة الزوج الأول . ( هذه النقطة واسعة الشرح لذا راجع قانون الاسرة والشريعة الاسلامية . ) .
تعليقات
إرسال تعليق